تعتمد الأسرة على الاغلب من الناحية الاقتصادية على الرجل ، فحتى وان كانت الزوجة امرأة عاملة يبقى هو الممول الرئيس للأسرة وبالتالي قد يلجأ الى اخفاء حقيقة راتبه عن زوجته لأسباب عدة ربما الإدخار او حب التصرف ببعض الاموال لصالحه لأنه يعلم تماما بأن معرفة الزوجة لمقدار الاموال التي يحصل عليها ستجعلها متحكمة في كم الاموال التي ستصرف وقد تزداد متطلباتها ، فمن هم الأزواج الذين يخفون حقيقة رواتبهم عن زوجاتهم؟
ومن هم الذين يعلمون زوجاتهم بمقدرتهم المالية ؟
وكلنا يعرف ان للوضع المالي تأثيره في التوافق الزوجي، وان كثيرا من الخلافات-وحالات من الطلاق- تنشأ بسبب الأمور المالية، الزوج يتهم زوجته بالتبذير، وانها لا تقيم حسابا للمال، وهي تشكو تقتيره، وحرمانه لها من مباهج الحياة، ومن جانب آخر نجدها تعطي آذانا صاغية لبعض المقولات المحرضة على العصيان.. مقتنعة بها مثل: «اصرفي ما في جيبه تعلمي قدرك في قلبه”.
لا أعلم شيئاً عن أمواله
تشعر هناء بالاستياء كثيرا إزاء قيام زوجها بالكذب المستمر عليها بشأن الأمور المالية، فكلما سألته عن مدخراته من المال او مقدار ما يكسبه من عمله باعتباره يعمل في مجال حر، فإنه يتملص من الاجابة او يختلق الاكاذيب بشأن قلة المورد المالي حتى تمر فترة فتكتشف بأنه يدخر مالا في المصرف ويمد أهله بالمال ويصرف على أمور اخرى مثل سهرات الاصدقاء والرحلات في الوقت الذي يقصر في حق بيته ولم تفلح كل محاولاتها في سحب اهتمامه نحو بيته ما اضطر الزوجة اخيرا الى التعيين في احدى الدوائر بعد أن يأست من امكانية زوجها في توفير متطلبات اطفالها فاستعاضت عنه بنفسها رغم علمها بأنه يملك المال ولكنه يخفيه عنها. في ذات الوقت تشكو (زينب )موظفة من عدم افصاح زوجها عن راتبه وهو يتهمها دوما بالتبذير ولكنها قد تثني احيانا على رغبته في اخفاء المال عنها، كونه يفاجئها احيانا بادخار مبلغ جيد من المال يساعدها في حل ازمة مالية قد يمران
بها .
ولكن الامر يبدو معكوسا لدى (نهلة) فهي لا تتمكن من اخفاء اي مبلغ من المال عن زوجها فهي موظفة وتحاول ان تدخر جزءا من راتبها للاستفادة منه لاحقا اما لشراء شيء ما للمنزل او للاطفال او لنفسها ولكنها تشعر بأن زوجها يستاء لفكرة ادخارها للمال فيكثر من الشكوى حول احتياجه للمال وهو يعلم تماما بأنها لا تقوى على اخفائه ان علمت بأنه يحتاج اليه فتصب جميع مدخراتها في جيب
زوجها.
وجهات نظر مختلفة
يبتسم (محمد ) ويقول: في بداية الزواج عملت بمبدأ الديمقراطية فكنت اقوم بوضع كل ما احصل عليه من مال لدى زوجتي محاولا ان اشعرها بالمسؤولية كي تتولى هي ادارة الامور المالية حسب المعروف عن المرأة بأنها وزارة المالية في المنزل ولكن ما حصل هو جهل زوجتي بماهية التصرف بالأموال وباتت تصرف كل ما أضعه في يدها حتى تدخل في أزمات مالية اضطرتني إلى سحب يدها والاعتماد على نفسي مع وضع مبلغ تحت تصرفها
للطوارئ.
بينما يخفي ( جلال) الموظف في إحدى الدوائر راتبه عن زوجته لأنه متزوج من امرأة أخرى دون علم زوجته، “ حرصا مني على مشاعر زوجتي لم اشأ اخبارها عن زواجي الثاني ولكني احتجت الى اخفاء المال عنها الا ما تعرف عنه فقط كي اتمكن من توفير متطلبات الزوجة الأخرى وان علمت بكل ما يرد الي من اموال فسوف تقوم بمحاسبتي وحينها ستنكشف قصة زواجي”.
دراسات مكثفة
على عينة قوامها 300 رجل – متزوج وغير متزوج- أوضحت دراسة عربية أعدها مركز الأسرة في القاهرة أن 93 ٪ من الرجال يكذبون بشأن رواتبهم متعمدين الكذب، ومصرين عليه وبطريقة منظمة، وكأن الأمر حقيقة متعارف عليها، يتبعها جميع الرجال، وانه سرهم الخاص الذي لا يجوز الكشف عنه لأحد؛ ليبقى لديهم هامش للادخار بعيدا عن عيون الزوجات -والمرأة بشكل عام – دون النظر للهدف من هذا التكتم.
الادخار السري
بينما صرحت دراسة-شملت ألفي رجل- نشرها أحد المواقع الأوروبية، أن 80 ٪ فقط من الرجال لا يحبون أن يستفسر أحد عن رواتبهم؛ خوفًا من طمع الطامعين وحسد الحاسدين، أو من الأيادي التي تمتد للاستدانة، أو طلب المساعدة، وأحيانا يكذبون لكسب مكانة في المجتمع
، وفي أحيان كثيرة يكون الكذب بغرض التأثير على المرأة، ولفت انتباهها إلى أهميته.. فيتظاهرون بالغنى؛ لاعتقادهم بأنها تحب التقرب من الرجل الغني أكثر من الفقير، هذا إن لم تكن المرأة زوجته، بينما نجدهم يقللون من قدر المال الذي يكسبونه في مواجهة الزوجة بهدف تقليل المصاريف.
لماذا يكذبون؟
سؤال طرحته الدراسة، وأجابت عنه الدكتورة المشرفة وفاء البكري، أستاذة علم الاجتماع بالمركز، فالشراكة والصراحة بين الزوجين مبعث للمحبة والثقة بينهما
، ولكن هذا لم يمنع غالبية الأزواج من إخفاء حقيقة رواتبهم، والدوافع تتلخص في عدة أسباب منها ان الزوج يرى في نفسه صمام الأمان لأسرته وعليه أن يدخر جزءا من دخله تحسبا للطوارئ كما ان كثيرا من الأزواج يعتقدون بأن زوجاتهم لا يفضلن قيام الزوج بإدخار المال وفي ذات الوقت يخشى الرجال من قيام الزوجة بالتبذير إن علمت بكم الاموال لدى زوجها لأنها مولعة بالتسوق، فضلا عن رغبة بعض الأزواج بالنفقة على الوالدين دون علم الزوجة أو توفير بعض المال لأوقاتهم الخاصة مع الأصدقاء والسبب الأخير والأهم لجوء بعض الأزواج لإخفاء حقيقة رواتبهم عن زوجاتهم العاملات رغبة منهم في مشاركة الزوجة في مصاريف
المنزل.