بقلم :- سمير عبيد
أنشغل الشارع العراقي هذين اليومين بموضوع وخبر ( الانذار وأغلاق المنطقة الخضراء) الذي تصاعد في وسائل الإعلام العراقية .فنسى الشعب العراقي قضيتين مهمتين وخطيرتين وهما !
١-ملف “أنتحار أو شنق أو مقتل” رئيس الشركة الكورية العاملة في ميناء الفاو، والمشرفة على تأهيل ميناء الفاو الأستراتيجي، والذي يُقلق دول كثيرة وبمقدمتها الكويت والامارات واسرائيل وحتى السعودية .ويُقلق واشنطن خوفا من ربطه بالصين من خلال ربطه بطريق الحرير الجديد الذي يربط الصين بأوربا . ويعتبر الحادث بوزن عمل ارهابي ضخم . لان الحادث “شنق رئيس شركة كورية عملاقة ” بات حادث دولي حيث ” العراق وكوريا الجنوبية والدول التي ستتهم لها يد بالموضوع ..اذا اكتشف ان الحادثة جنائية!” !
وهناك موضوع خطير و لم يتعود عليه العراقيين لانه بلد “تايه” ولا حساب ولا كتاب ولا تخطيط اي ان العراق بلدا مهدور الثروات .ولَكن الدول المجاورة للعراق وكوريا الشمالية تأثرت فيه وهو موضوع الخسائر الجسيمة التي خسرتها بورصة كوريا الجنوبية والكويت وبورصات الخليج بسبب الحادث المثير للجدل !!!. ناهيك عن السمعة غير الطيبة التي الصقت بالعراق في موضوع الاستثمار على انه غير قادر على تأمين سلامة الشركات والعاملين فيها ليبقى العراق بيئة غير صالحة للأستثمار وهذا ما يُسعد الدول التي ورد ذكرها والمنافسة للعراق !.
٢- ملف ( سنجار ) في شمال العراق !
وهو الملف المعقد والشائك والمتشابك للغاية من حيث التضاريس “الجغرافية والديموغرافية والأمنية والطائفية والعرقية والإثنية” .والذي لا يمكن ان يُحل بخبر طوله ( ٣ سم ) ويمر بطريقة خاطفة في الاعلام الفيسبوكي والاعلام الممول اميركيا …وهنا تبرز اسئلة مهمة :-
١- أين ذهبت منظمة ال PKK الكوردية التركية المصنفة ارهابية حسب سجل الولايات المتحدة والغرب والتي تهيمن على كل شيء تقريبا في منطقة سنجار وضواحيها؟
ولمن لا يتذكر فأن تلك المنظمة PKK المصنفة ارهابيا تمددت بسبب خطة “العبادي” البائسة عندما اقحم العراق رئيس الحكومة العراقية السابقة ” حيدر العبادي” بخطة غبية في سنجار مع PKK للضغط على الاتراك ليخرجوا من ضواحي مدينة ” بعشيقة ” التي يتواجد فيها الاتراك منذ اكثر من ثمان سنوات ..وفِي الآخر بقيت بعشيقة بيد الاتراك ،وتدخل الاتراك فيما بعد بهجمات عسكرية ضخمة داخل الأراضي العراقية وأسسوا لعدة قواعد، وباتوا رقما مهما داخل العراق لا سيما وان لدى الاتراك أطماعا تاريخية وسياسية واقتصادية في كركوك النفطية وبحكم تواجد التركمان فيها ، وكذلك في الموصل ” نينوى ” !.
٢- كيف سُويت قضية سنجار ومافيها من PKK مع الجانب التركي المعادي لها ( أين ذهبوا ؟؟) لأننا لم نسمع ان هناك تسويات او زيارات بين انقره وبغداد حول الموضوع!ولم نسمع انهم ابيدو من قبل الجيش التركي وَلَن تسمح تركيا لهم بالاندماج مع اقليم كردستان العراق !.أذن أين ذهبوا بين ليلة وضحاها ؟ هل تبخروا ؟ هل تابوا ؟هل عبروا نحو سوريا …كيف ومتى ؟ …فهناك علامات استفهام مهمة !
٣- لماذا لا تقرر حكومة بغداد طرد الاتراك من الاراضي العراقية او الضغط عليهم عبر المنظمات الدولية والامم المتحدة ومجلس الامن والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي.أو من خلال الورقة الاقتصادية بين البلدين والتي تقدر ب ١٦ مليار دولار سنويا ؟…بل تُركت تركيا تتوغل في الأراضي العراقية ودون اي ازعاج من الجانب العراقي !. (فأين القسم الذي أقسمت عليه الحكومة الجديدة في العراق لحماية حدود وأراضي وسماء العراق ؟) …مالذي يُمنع حكومة بغداد من ذلك ؟ ..ولماذا الصمت السياسي والبرلماني في العراق عّن ذلك !؟…..
#فماذ سيحصل لو ان ايران تدخلت هكذا في الأراضي العراقية عسكريا وقامت بتوغل عسكري على الارض وفِي الجو وبالصور والبيانات العسكرية ومثلما فعلت وتفعل تركيا .. فكم بوق وفضائية وبيانات ومراجل ووطنية وحملات سوف نسمع ؟ علما ان ايران دولة جاره ولا يجوز لها بالتوغل في داخل العراق واسوة بدول الجوار الاخرى ..اذن ماسر الصمت المريب من بغداد واربيل وواشنطن وطهران حول التوغل التركي في العراق ؟
٤- اين الكتل الشيعية والكتل السنية في العراق؟. لماذا لا نسمع منها بيان او استفسار أو توضيح حول تسوية ( قضية سنجار ) مع الأكراد !؟ بل هي صمتت كصمتها حول التوغل التركي في الأراضي العراقية !.فهي قضية تتعلق بالامن القومي العراقي وتتعلق بالارض والتوازنات الديموغرافية والعرقية فكيف تُحل قضية سنجار بمانشيت خبري تعلنه حكومة بغداد؟
٥- هل ان ما أعلنته الحكومة العراقية عّن ( تسوية سنجار) متعلق بمخطط ( انفجار القضية الكردية ) الذي نوه اليه قبل ايام وزير الخارجية الروسي لافروف متهما الولايات المتحدة بذلك عندما قال (إن “الأمريكيين يحاولون إنشاء حكم ذاتي كردي” في شمال سوريا “سيتمتع بصلاحيات مماثلة لسلطة دولة”.واردف قائلا ( وأضاف: “كما نعرف أنهم يسعون إلى إقناع الأتراك بألا يمانعوا ذلك”)
————
#تصريح لافروف حلَّ لنا لغز صمت حكومة بغداد وكردستان !
فَلَو عدنا الى الوراء قليلا. فلقد زار رئيس المخابرات التركية ” هاكان فيدان” المقرب جدا من الرئيس التركي اردوغان بغداد “سرا” واجتمع مع رئيس الحكومة العراقية ” اي مع زميله في المنصب سابقا” —. ونشر عن تلك الزيارة في وسائل الاعلام فيما يبعد- !
وبُعيد عودته الى أنقرة باشرت تركيا بالحملة العسكرية المعلنة والضخمة داخل الأراضي العراقية من خلال عملية ” مخلب النسر” مقابل صمت من قبل حكومة بغداد وكردستان، وكان صمتاً مريبا للغاية ! ولَم يُفسر في حينها وفِي الايام التي تلت الحملة والتوغل الذي لازال مستمرا في داخل الأراضي العراقية. لا بل خفتت حتى أصوات بعض المعارضين لهذا التوغل التركي غير الشرعي والمخالف للقوانين الدولية !!.
#فمن خلال تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تكشفت أجزاء من الحقيقة التي أرادها مخفية وسرية . وهي أن هناك ( خطة أميركية ) توزعت الادوار فيها وكما يلي :-
١- سُمح للأتراك بالتوغل في داخل الأراضي العراقية لتطمين الاتراك بأن أكراد سوريا لن يلتحموا مع أكراد العراق ويصبحون قوة كردية موحدة لنواة دولة كردية في المنطقة.عندما باتت تركيا بينهما وعلى امتداد الموصل وكركوك ! عندما سُمح لها بالتوغل العسكري في الأراضي العراقية مع تأكيدها على حقها التاريخي بكركوك والموصل …وهذا ما حصل !
٢- ومنعت واشنطن على مايبدو كل من ( بغداد واربيل) من ردات الفعل والاستنكار ضد التوغل التركي في الأراضي العراقية . ومنعتهما من الذهاب للمنظمات الدولية ومجلس الامن ضد تركيا بسبب توغلها العسكري المعلن في الأراضي العراقي .والولايات المتحدة من جانبها لزمت الصمت تجاه التوغل التركي لأنه متفق عليه ، وفرضت الصمت ايضا على بغداد واربيل.. وحصل هذا ولازال !
٣- ويبدو ان المرحلة الجديدة في داخل العراق ( تسوية سنجار بجرة قلم ومانشيت بسيط) هي بتوجيهات اميركية من الألف للياء ..حيث تتيح لأقليم كردستان بالتمدد نحو سنجار وهذا ما اعلنته الحكومة بخبرها ان هناك تسوية لقضية سنجار ( ويبدو هذا ثمن سكوت اربيل عّن التوغل التركي) لا سيما وان اربيل تتعامل بحذر شديد مصحوب بالخوف من ردات فعل الرئيس التركي اردوغان الذي لا يكن المحبة لأربيل والبرزاني !
٤- ومن هناك بدأت الولايات المتحدة بخطتها على الأرض وعلى حساب العراق و التي تقود الى دعم ( كيان كردي في سوريا يكون شبه مستقل) وحليف للولايات المتحدة بشرط ضمانات ” امنية واقتصادية وجيوسياسية ” لتركيا وهذا ما حذّر منه الوزير لافروف !!
#وهذا سر فتح جبهة حرب تركية في ” قره باغ” بعنوان ديني وعرقي عندما شجعت تركيا بل اجبرت اذربيجان على الحرب ضد ارمينيا. وهي الحرب التي يوجد مفتاحها لدى الاتراك وتحمل عناوين دينية وعرقية وقومية . مقابل صمت اميركي لِما يدور هناك لان الصفقة متفق عليها بين واشنطن وأنقره ( وهذا ما توجست منه روسيا وسوريا ) بخصوص الكيان الكردي الذي تريد فرضه الولايات المتحدة شرق الفرات !.
ويبدو ان هناك مغريات اخرى لتركيا في أماكن اخرى ستقدمها لها واشنطن مقابل تمرير صناعة الكيان الكردي في سوريا ومخططات اخرى شرق الفرات وداخل العراق !
#نقطة نظام :-
من الناحية الجيوسياسية فأن تحالف ” الكيان الكردي ” الجديد في سوريا مع الولايات المتحدة ، والذي خططته واشنطن وماضيةٌ في ترسيخه وتسليحه يعتبر بمثابة ( مجموعة مستأجرة لتنفيذ مخططات واشنطن مقابل الأرض والحماية والنفوذ )
لأن تلك المنطقة غنية بالنفط والثروات .وتعتبر مفترق استراتيجي خطير ولا يختلف عّن ( قره باغ) .حيث هناك تركيا وروسيا وسوريا والعراق وايران وفرنسا والتضاريس الكردية الممتدة من سوريا نحو العراق وايران وتركيا ….
فالكيان الكردي السوري الجديد سوف تستعمله واشنطن مخلب قط و بأي لحظة لإغلاق الحدود السورية العراقية عندما تباشر بمخططها ضد الفصائل الشيعية والحشد الشعبي في العراق….. وربما ستشترك مليشيات كردية مع الاميركان بمطاردة الحشد والفصائل وهذا ضمن المخطط المرسوم ولكن داخل العراق سوف يكون عمل الميلشيات الكردية دينيا اي مساندة السنة …
#وهنا تعيد واشنطن نفس السيناريو الذي فرضته أبان المعارضة العراقية ضد نظام صدام
١- عندما اطلقت على الأكراد تسمية قومية وهم ” سنة
٢-وبالمقابل اطلقت على ” الشيعة “تسمية طائفية وهم عرب عراقيين
٣-وبعد سقوط نظام صدام حسين اطلقت على ” السنة ” تسمية قومية وهم ” العرب ” علما هم مسلمين سنة !.
#وعلى ضوء ذلك نجحت واشنطن بتقسيم المجتمع العراقي ولازال التقسيم ينخر بالعراق. بحيث حتى مندوبة الأمم المتحدة في العراق السيدة المثيرة للجدل ” بلاسخارت” أخذت تنوه وتؤكد أخيرا على تقسيم العراق !.
#ويبقى هناك سؤال مطروح للجميع :-
من خول واشنطن وحكومة بغداد والآخرين بجعل سنجار وضواحيها ورقة مساومة مع تركيا ولمصالح اميركية وتركية وكردية على حساب العراق وحساب الطائفة الايزيدية التي تعتبر سنجار وضواحيها مناطق تاريخية للإيزيديين وقسم من الشيعة وقليل من الاكراد !؟
سمير عبيد
١٠ أكتوبر ٢٠٢٠