in

التحرير السياسي للمناطق المحررة..

 

وسام رشيد

ما يجري في محافظات نينوى، والأنبار، وصلاح الدين، هو بداية لتحرير سياسي من هيمنة الأحزاب والشخصيات المتنفذة هناك، بعد انتهاء العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية، تم الشروع، بعد سنوات طويلة من التجريف والشلل التام والتغيُب عن ممارسة الدور السياسي في بغداد، بالحياة العامة، وعادت المحافظات المحررة لأداء دور سياسي متوازنٍ مع حجم وحضور وتأريخ تلك المناطق، إذ توفرت البيئة المناسبة لعودة ذلك التأثير، والذي ظل أسيراً لمجموعة حركات وأحزاب محددة منذ عام 2003، وظفت كل الحراك السياسي لصالحها، ولصالح مؤيديها، دون النظر لمستقبل أبناء تلك المناطق، وتطلعاتهم في الشراكة وصياغة مستقبل العراق، كونهم جزء حيّوي، وفعّال، بكل المعادلات السياسية منذ تأسيس الدولة العراقية، وعلى الرغم من محاولات القادة الممثلين لتلك المناطق بتقويض تلك الإرادة الجديدة، الا إن هناك مقومات جديدة أزاحت القوى المتصدعة مثل الحزب الإسلامي العراقي، إذ كان يسيطر على مجمل الفعاليات السياسية والاقتصادية في معظم تلك المناطق، بإطار توافقات مصلحية مع القوى الأخرى في بغداد والنجف وأربيل أقل ما توصف بأنها فاشلة زجت البلاد في متاهات عدم التوازن في العلاقات الخارجية مع دول الجوار الذي لا يعير أهمية للمعادلة السياسية في العراق.
الانقلاب الكبير بالمفاهيم السياسية، والنظرة الواقعية الى التغيير ، ومن داخل العملية السياسية وعناوينها الرئيسية مثل الدستور ، مع الرغبة المتزايدة في إيجاد بدائل سياسية ورمزية تقود المرحلة التي أعقبت التحرير العسكري، جميعها عوامل ضاعفت من تلك الرغبات على صعيد مختلف الفعاليات الاجتماعية بعد عام 2017، والتحولات في المنظور السياسي والاقتصادي لم يقتصر فقط على المحافظات المحررة من سيطرة داعش، بل شَمل تغييراً نمطياً في سلوك الأحزاب المتنفذة في الوسط والجنوب عام 2017، إذ انقسم تيار مهم يعتمد العناصر الشابة في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ليؤسس حركة باسم “تيار الحكمة الوطني” استطاعت أن تلفت الانتباه وتحقق نتائج لا بأس بها في انتخابات عام 2018، اذا كان عاملاً مشجعاً لبناء تيارات وحركات أكثر فعالية وتأثير في المجتمع، وبين عامة المواطنين، الذين أصبحوا على دراية كاملة ونضج أكثر بكل خفايا الأحداث التي رافقت الإخفاق والفشل بإدارة الدولة، بعد أن كانت حكراً على الطبقات المثقفة والقريبة على مواقع القرار، وصُنّاعه، وهذا ما برَز أيضا في الأنبار، فقد برزت قيادة شابة مثل السيد محمد الحلبوسي، إستطاعت أن تتمدد الى محافظات صلاح الدين وديالى والموصل وبغداد، لتبني تحالفات على قواعد المواطنة المتفق عليها دستورياً، وشعبياً بما يتناسب مع المزاج العام الجديد،
أخذت مواقع الفيس بوك وتطبيقات السوشيال ميديا مساحة واسعة في تغيير المفاهيم التي تساهم في بناء الرأي العام في مختلف مناطق العراق، والهَم المشترك بين شباب الوطن الواحد زاد من الترابط، والإحساس بالقيّم الوطنية، والشراكة بين مختلف الفئات، والقوميات، والمذاهب والمناطق، ليؤسس قاعدة انطلاق لفضاء يتسع للجميع، ويبرهن بشكل مضطرد عدم صدق نوايا وأفعال الكيانات والكتل الحاكمة التي أرهقت الوطن من شماله لجنوبه، مبادىء الشراكة الجديدة ترتكز على فرصة، فرصة البناء، وفرصة المعرفة، وطيّ صفحات مظلمة من تأريخ هذا الوطن، فاستثمار المناخ السياسي الجديد في المحافظات الثلاثة المحررة أصبح واجباً مقدساً يستفيد منه المواطن لتحقيق نقلات فعلية وعملية بأسلوب إدارة الدولة، وأجهزتها الحكومية على مستوى المحافظة أو المركز في بغداد.

الزراعة النيابية: نفوق الاسماك بهور الدلمج بفعل فاعل

الحلبوسي يستنفر كوادر المفوضية لتوزيع البطاقة البايومترية