بقلم :- سمير عبيد
ومثلما أشرنا في الحلقة “٢”لدور دولة الامارات في التفكيك الناعم للقرار السياسي والاقتصادي السعودي ،والتعجيل في تدهور المملكة العربية السعودية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وعسكريا .حيث عرفت الأمارات نقاط ضعف محمد بن سلمان وبدأت اللعب عليها والشروع بسيناريو التفكيك من خلال النفخ المستمر في الأنا لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الباحث عّن المجد والسلطة بحيث انتفخ الأخير كثيرا وقام بسياسات عشوائية وقرارات متهورة بتأييد ودعم محمد بن زايد وكل هذا بهندسة وتوجيه من إسرائيل التي باتت تهندس وتوجه جميع سياسات الأمارات الخارجية وصولاً للهيمنة الأسرائيلية على الخليج والمنطقة واعلان مشروع الشرق الاوسط الكبير بزعامة اسرائيل ……وكل هذا لأن الامارات تعرف أن الربيع الخليجي قادم لا محال. فتحاول أن تكرسه في السعودية دون غيرها خصوصًا عندما صمدت دولة قطر بوجه المخطط السعودي الإماراتي بدعم تركيا وايران . فلسان حال الأمارات يقول فليبدأ الربيع الخليجي في السعودية قبل أن يبدأ بالأمارات وتحت شعار بأخي ولا بي !!..
وأن التاريخ يشهد… فلم تسلم دولة عربية لكي يخربونها ويعطلون الربيع الخليجي فيها، فجميع الدول العربية دمروها دول الخليج لكي لا يصلهم الربيع الربيع الخليجي وبسبب ذلك أهدروا خزائن بلدانهم وشعوبهم لصالح امريكا واسرائيل لكي يبعدو عنهم الربيع الخليجي بتخريب الدول العربية. ودعم الحصار والخنق ضد ايران وبمليارات الدولارات من دول الخليج .ولكن هذا ضرب من الخيال فالتغيير والعصف بدول الخليج قد بدأ وسيتفاعل وسنتفرج . وبعد الانتهاء من تخريب الدول العربية حاول الخليجيون نقل الفوضى الى ايران ففشلوا. وحاولوا نقلها الى العراق اخيرا و منذ ٦ أشهر لكي يدخل العراق في المأزق السوري أو في الحالة اليمنية ففشلوا بذلك .فلم يبق أمامهم الا أحدهم يُكسّر عظام الآخر. وبالفعل بدأ التكسير وعلى المكشوف من قبل الامارات ضد السعودية . فبعد توريط السعودية وبن سلمان في المستنقع قفزت الأمارات لتتقارب مع ايران وسوريا، وربما حتى مع لبنان وحزب الله مستقبلا !!.
————
كيف أعطت الامارات ظهرها للسعودية وتقاربت مع ايران ثم مع سوريا !؟
الامارات ساكته عن الجزر الثلاث التي في حوزة إيران والتي أصبحت ايرانية وللأبد وتذهب لتمارس نشر الفوضى في العراق واليمن وليبيا ومصر والسودان وتمد يدها للمغرب العربي واخيرا للسعودية ومن تحت الطاولة تُمارس علاقات قوية مع إيران وان ايران البراغماتية تعلم بعلاقة الامارات مع اسرائيل ولكنها تضع المصالح اولا اَي ايران وتغض النظر عن ذلك لان مصلحة ايران اولا.
وهنا السؤال :-
هل هو الخوف الذي يجعل الأمارات بهذا الموقف !؟
أم هي توجيهات اميركية واسرائيلية لتبقى تلك العلاقة السرية مع ايران فاعلة وقوية !؟
أم ان الأمارات ذكية وتعرف حجمها لدرجة أنها لن تضايق ايران لو أخذت إيران رأس الخيمة…ولن تكون كبش فداء لصالح السعودية ودول الخليج !؟
وفي مايلي بعض الأدلة على تلك العلاقة بين الامارات وايران :-
١- في 30 يوليو /تموز ٢٠١٩، أكد قائد قوات حرس الحدود الإيراني، العميد قاسم رضائي، وقائد قوات خفر السواحل الإماراتي، العميد محمد علي مصلح الأحبابي، خلال لقائهما في طهران، ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما وتأمين الخليج !.
٢- في ٢٠ أكتوبر ٢٠١٩ أفرجت الأمارات عن ٧٠٠ مليون دولار من أرصدة ايران المتحجرة لديها .وهذا ماذكره عضو البرلمان الإيراني، علي أكبر تركي قائلا(أن الإمارات أفرجت عن 700 مليون دولار من أرصدة إيران المحتجزة لديها، مشددا على أن العلاقات بين البلدين تحسنت كثيرا في الفترة الأخيرة.ونقلت وكالة “خانة ملت” التابعة للبرلمان الإيراني عن تركي أن “الإمارات أفرجت عن 700 مليون دولار من الأرصدة الإيرانية التي كانت محتجزة لديها !.
٣- وفي ١٥ يونيو / حزيران وزير الخارجية الأماراتي يُبرىء ايران من الاعتداءات على ناقلات النفط ( وأوضح “بالنسبة لنا فإن الهجمات التي وقعت على 4 ناقلات نفط داخل المياه الإقليمية لدولة الإمارات فالأدلة التي جمعناها نحن وزملاؤنا من دول أخرى تشير بوضوح إلى أنها عملية تفجير من خارج السفينة تحت مستوى المياه، والتقنية التي تم استخدامها والتوقيت والمعلومات التي جمعت قبل العملية واختيار الأهداف بدقة بحيث لا يتم غرق أو تسريب نفط من هذه السفن، هذه القدرات غير موجودة عند جماعات خارجة عن القانون، هذه عملية منضبطة تقوم بها دولة، ولكن إلى الآن لم نقرر أن هناك أدلة كافية تشير إلى دولة بالذات).
٤- في ١٥ أكتوبر ٢٠١٩ .. الإمارات تعتقل معارض ايراني مهم في مطار دبي وتسلمه لإيران وهو صحفي ايراني معارض (وأعلن الحرس الثوري الإيراني في ١٦ أكتوبر ٢٠١٩ اعتقال الصحفي “روح الله زم”، الذي لعب دورا أساسيا في إشعال احتجاجات ضد النظام عبر تطبيق “تليغرام” للتواصل الاجتماعي، وذلك بعد “استدراجه” للبلاد من فرنسا، عبر عملية استخباراتية معقدة، فيما أكدت مصادر اعتقاله من قبل السلطات الإماراتية في في مطار دبي قبل تسليمة إلى طهران ) وونشرت حينها مصادر أن روح الله زم كان في طريقه إلى سيدني بأستراليا، إلا أن الطائرة حطّت في دبي (ترانزيت)، ليتم القبض عليه من قبل السلطات الإماراتية، وتسليمه إلى طهران!!.
٥- وفي اكتوبر ٢٠١٩ أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تبادل مسؤولين من بلاده والإمارات زيارات مؤخرا، وذلك بعد حديث صحيفة بريطانية عن تواجد طحنون بن زايد، شقيق ولي عهد أبو ظبي، في طهران، بـ”مهمة سرية”!!. حيث نشر موقع “ميدل إيست آي” عن زيارة سرية قام بها مستشار الأمن القومي لولي عهد أبو ظبي وشقيقه الأصغر، طحنون بن زايد، إلى طهران خلال الساعات الـ48 الماضية. وقال محرر الموقع ديفيد هرست إن بن زايد زار طهران بمهمة من أجل نزع فتيل الأزمة في الخليج.!.
٦-الامارات تسهل وصول مساعدات طبية من منظمة الصحة العالمية الى ايران في ٢ آذار ٢٠٢٠ الاصلي الى جائحة كورونا وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) إن “8 أطنان من معدات الفحص المتعلق بفيروس كورونا لإجراء الفحوصات لـ100 ألف شخص بالإضافة إلى المعدات الضرورية اُرسلت من قبل منظمة الصحة العالمية إلى إيران عبر طائرة عسكرية أقلعت من دبي، وأرسلت المنظمة 6 فرق من مختصي الأوبئة والفيزيائيين والمتخصصين بالفحوص المخبرية”.ووصل أيضا ممثلون عن منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة إلى إيران لدراسة طريقة تعامل السلطات في طهران مع الفيروس.من جانبه، وجه مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، الشكر لولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على الدعم الذي قدمته الإمارات لإيران.
٧-الإمارات تدعم إيران بـ 32 طناً من الإمدادات الطبية ومعدات الإغاثة.حيث أرسلت دولة الإمارات في١٦ آذار ٢٠٢٠ طائرتي مساعدات تحملان إمدادات طبية و معدات إغاثة إلى إيران لدعمها في مواجهة فيروس كورونا المستجد ( كوفيد – 19 ).و حملت الطائرتان اللتان أقلعتا من أبوظبي ” أكثر من 32 طنا من الإمدادات بما في ذلك صناديق من القفازات والأقنعة الجراحية ومعدات الوقاية.
٨- في ٢٨ مارس/آذار ٢٠٢٠ يتصل ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد بالرئيس السوري بشار الأسد كاسرًا بذلك جميع الخطوط الحمر وعابرًا على مساحات من الجليد مؤكدا للرئيس السوري :لن تبقى سوريا وحدها لهذه الازمة العالمية كورونا !. وهذه الخطوة لن تتم لولم يمهد لها في طهران سراً !.
——————
براغماتية الامارات تفضل إيران على السعودية !!.
فكل ما تقدم هي أدلة واضحة أن السعودية وبن سلمان بقيا وحيدين وبلا حلفاء في المنطقة وعليهما انتظار مصير عراق صدام حسين ومصير نظام صدام حسين .فهكذا تؤشر جميع المؤشرات أن السعودية بدأت بالفعل في بداية النهاية، ولن يفصلنا عن بداية العويل والنياح السعودي الا أشهر قليلة فقط .حيث سنسمع أخبار التشرذم السعودي معلنا بداية انهيار النظام السعودي والشروع في الفوضى والتشظي والذي سيصل حتمًا الى مرحلة تقسيم السعودية وطبعا هذا ليس غدًا ولكن سيبدأ مسلسل التصدع قُبيل نهاية هذا العام ٢٠٢٠ ، لأن هذا النظام بات نشازاً حسب المتغيرات التي حدثت أخيرا وخصوصا بعد اطلاق بن سلمان النار على قدمية في حرب الأسعار العالمية . ناهيك ان العالم والمنطقة مابعد كورونا سوف يكون بترتيب آخر لا يتحمل السعودية وصبيها المتهور هذا من جانب .
من الجانب الآخر فكيف لا تستقبل ايران الامارات في الأحضان وهي التي لعبت دورا كبيرا وواضحا ًفي تفكيك السعودية وتشظي قرارها السياسي وحتى وان كانت الأمارات تداري موقعها ومصالحها من وراء اضعاف السعودية، ولكنه في النهاية يصب في مصلحة إيران .فرغم موقف أبو ظبي المعلن ضد سياسات طهران وتأييد العقوبات الأميركية عليها، تكشف الحقائق والأرقام عن “حبل سري” يربط بين البلدين على ضفتي الخليج العربي.
فلقد حافظت الإمارات على كونها الشريك التجاري العربي الأول مع إيران، رغم تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 11 مليار دولار عام ٢٠١٧ (6.5 مليارات دولار صادرات إماراتية و4.5 مليارات صادرات إيرانية). وكان هذا الحجم قد بلغ 16 مليار دولار عام 2016 (12 مليارا صادرات إماراتية، و4 مليارات صادرات إيرانية). فتستحوذ الإمارات على 90% من حجم التجارة بين دول الخليج وايران وكان التبادل التجاري بينهما قد سجل أعلى معدل له عام 2011 عندما بلغ 23 مليار دولار، وهبط بعدها تدريجيا بسبب العقوبات الغربية والأميركية، لكنه حتى عام 2016 حافظ على معدل يزيد عن 15 مليار دولار وهذا يعني أن اَي قرار غير محسوب من جانب الامارات اتجاه ايران سوف يكون المتضرر هي الامارات والرابح السعودية ودول الخليج !!. وهذا لم يحسبه بن سلمان الذي استحوذ على القرار السعودي وبات ديكتاتورا مطلقا !!.
ويبقى السؤال :- هل ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو بمثابة الخليفة المستعصم بالله الذي كان يتفرج على انهيار الدولة العباسية !؟
الجواب:- نتوقع ذلك !!.
—-
محمد بن سلمان يستقدم الأعداء على طريقة صدام حسين !؟
قلناها من قبل وعبر ندوات تلفزيونية ومقالات منشورة ومنذ الأشهر الاولى أننا أمام ظاهرة صدام حسين في السعودية . فولي العهد السعودي محمد بن سلمان متأثر جدا بالرئيس الراحل صدام حسين، وكيف نجح الأخير بأزاحة جميع خصومه ،وجميع الذين يستحقون البقاء في الصف الاول لقيادة العراق ووصل به الجشع والتهور وحب السلطة ليُزيح الرئيس البكر ويجلس بمكانه حاكما مطلقا في العراق .وهكذا فعل محمد بن سلمان حيث أزاح جميع المنافسين والمستحقين للوصول الى قيادة السعودية حسب التسلسل وحسب قانون البيعة في السعودية. ووصل به الاندفاع ليُسقط ويعتقل اقوى اثنين يستحقان العرش وهما عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز ، وأبن عمه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ليجلس بالقرب من ابيه الملك سلمان شبه العاجز فيستولي على القرار في السعودية من الألف الى الياء ومثلما فعل صدام حسين في العراق !!!.
فصدام حسين حارب ايران لثماني سنوات “١٩٨٠-١٩٨٨”وكان سببًا بتبديد مليارات الدولارات التي كانت في صندوق الأجيال ،وتدمير العراق وقتل وجرح وفقدان اكثر من مليوني عراقي وايراني بسبب عبارة ” والسلام على من اتبع الهدى ” الذي ذيلها السيد الخميني برسالته لصدام حسين …..
وكذلك لم يتب صدام حسين وكرر الحرب ضد الكويت ١٩٩٠ بحجة أن ولي العهد الكويتي سعد العبدالله عيّر العراق وصدام بأن يجعل المرأة العراقية بأرخص الأثمان .وكانت الحرب التي أنهت العراق والشعب وأنهت نظام صدام وأسرة صدام وحياة صدام غير مأسوف عليه لأنه دمر العراق والعراقيين وهو السبب بما حصل عام ٢٠٠٣ وما حصل بعدها ومايحصل الآن وماسيحصل !!!
١-ومحمد بن سلمان فعل التهور نفسه عندما قام بغزو اليمن وتدميرها ظنا منه ان القضية مجرد نزهة لأسابيع واذا السنوات تمضي وصواريخ الحفاة المتمسكين بأرضهم وكبريائهم اليمني تدك الرياض والمدن السعودية. ولازالت الحرب غير الأخلاقية ضد اليمن مستمرة والسعودية عاجزة عّن النصر فيها او أنهائها لاسيما بعد انسحاب معظم حلفاء السعودية تاركه السعودية تغرق بالمستنقع اليمني .
٢- ولم يكتف بهذا بل ذهب لينتهك سيادة وأمن دولة إقليمية كبرى وعضو في حلف الناتو وهي تركيا ليرتكب فيها وعلى أراضيها ابشع جريمة عرفها التاريخ الحديث وهي خطف الصحفي السعودي جمال خاشقجي وقتله وتقطيعه وأذابته وكل هذا في تركيا وباعتداء صارخ …….
٣- ولم يتب محمد بن سلمان فيذهب ليرتكب الخطأ الآخر والقتال وهذا ما كشفه الموقع البريطاني ” موقع ميديل إيست آي ” بأن الحرب الذي قررها لوحده محمد بن سلمان وهي ” حرب الأسعار” عندما أغرق السوق العالمية بالنفط السعودي جاء ذلك بسبب ( مشادة كلامية بين محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ….وكان بن سلمان عدوانياً حسب ماجاء بالتقرير البريطاني ) .وها هو بن سلمان حائر كيف يعالج الخطأ الكارثي والذي لا يختلف عن خطأ صدام في الكويت .فالسعودية اليوم باتت بموقف لا تحسد عليه وسوف تكون هناك تداعيات خطيرة ودراماتيكية عليها في قادم الأيام !!.
تداعيات حرب بن سلمان النفطية :-
فالأقتصاد السعودي في طريقه الى أعمق أنكماش منذ عقدين واصبحت السعودية أمام تحدي الزوال أو ازالة محمد بن سلمان بعدما هدمها من الداخل ومزقها من الخارج ولقد صرح وزير المال السعودي في ٢٢ نيسان ٢٠٢٠ قائلا ( نتوقع أقتراض 26 مليار دولار أضافية هذا العام وخفض الإنفاق الحكومي والذي سيطال قطاعات السفر والترفيه والرياضة ).وهذا يعني سوف تضطر السعودية لفرض ضرائب ورسوم على المواطنين والوافدين مما سيدفع الى ارتفاع الأسعار بالأضافة الى خفض تكلفة المشاريع والانفاق العام والخصخصة وطرد العمالة الوافدة !!!
فهذا التدهور الذي بدأ في السعودية ومغامرة بن سلمان بحرب الأسعار دفع الشركات النفطية الأميركية بالتحرك لرفع قضايا تعويض بعشرات المليارات ضد الحكومة السعودية لتسببها بإفلاس وخسارة هذه الشركات مستندين لتصريحات سعودية حكومية بنيتها اغراق أسواق النفط واعترافها التلاعب بالأسعار وهذا ما أكدته وكالة بلو مبيرغ الأميركية !!!. بحيث سارع السناتور بتد كروز ليناشد الرياض باسترجاع 20 ناقلة عملاقة محملة بالنفط السعودي وتحمل 40 مليون برميل نفط في طريقها للولايات المتحدة .
الى اللقاء في الحلقة الرابعة ” ٤”!!.
سمير عبيد
٢٤نيسان ٢٠٢٠