وسام رشيد
تطورات الأزمة الحالية كشفت حالة من الاتفاق غير المعلن أو الضمني بين السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري والسيد محمد الحلبوسي زعيم تحالف تقدم حول عدة محاور تم تبنيها اثناء وبعد الحملة الانتخابية، وهي متطابقة مع رغبات وتطلعات شعبية عامة.
في مقدمة تلك المحاور هو حصر السلاح بيد الدولة، المشهد الأكثر اهتماماً في الاوساط السياسية، والشعبية، وهو الهاجس الاكبر لمستقبل البلاد، والمعرقل الأول لأي عملية بناء أو تطوّر في المجالات الاقتصادية أو الخدمية، فهو جوهر الملف الأمني المرتبط بشكل الدولة، ونظرة المجتمع الدولي وخاصة العالم المتقدم، الذي يدعم شرعية القانون وسطوة الدولة من خلال قنواتها الدستورية المستندة لسلطة الشعب، وعبّر صناديق الإقتراع.
البعد الدولي حاضر في تقييم العملية السياسية في العراق، واحترامها يشترط التزام جميع اطرافها بالسلوك المعدة وفق الدستور، وهذه المبادىء احدى اهم تطابق وجهات النظر بين اقطاب الفائزين في الانتخابات الاخيرة( الصدر والحلبوسي)،ومؤشرات التعامل مع الازمة الحالية من قبل الفريقين تؤكد هذا التطابق.
المحور الثاني هو تأكيد نبذ الطائفية، وقطع الطريق على دعوات اشعال الفتنة مرة اخرى، تبدأ من المقدادية وتنتهي في بغداد، والمتابعون لسير الاحداث في الاسبوعين الاخيرين يرصدون جملة من التداخل السياسي بين مختلف الاطراف، ومحاولة مكشوفة لجر الشارع لاسلوب رد الفعل، والتموضع المذهبي، ولفت الانتباه لأهمية بعض الاطراف والاشخاص المتنفذين على الساحة السياسية والعسكرية للبلد، وهي خطوة خطيرة تدفع المواطنين لإستحضار مشاهد مؤلمة ومأساوية كانت تتصدر واجهة العراق في اعوام 2005-2009.
تسخير هذا التمحور الخطير للكسب الانتخابي هو تطور في وسائل الضغط الرخيصة التي تبنتها بعض القوى على طول مدة الفشل السياسي، والاداري، لملفات الدولة وعلى كافة الصُعد والمستويات.
المحور الاخر هو تركيز الاهتمام نحو القضايا الخدمية والتعليمية والصحية والخدمات البلدية، وتقويم مؤسسات الدولة العمرانية، فما يستهوي المواطنين الان هو مقدار ما تقدمه القوى السياسية من إنموذج ناجح تستند اليه في المرحلة القادمة.
صور الشوارع في الرمادي والفلوجة تستهوي الشباب والمتابعين على الفيس بوك تحديداً، وتخلق رأي عام مساند.
فركيزتا الحكومة القويّة الأمينة هو الدعم الشعبي الذي يستوجب الدعم السياسي،وبضمان وجدود هاتين الركيزتين ممكن للحكومة أن تمضيَ بقوّة نحو حكومة خدمات، وبعكس ذلك ستكون حكومة ازمات ومشاكل وبالتالي مزيد من الانهيارات التي لا يتحملها الشعب العراقي الذي يعاني الأمرين في تدبير مستلزمات بقائه على قيد الحياة.