لا زال “الأنقلاب الهاييتي” مُرجحاً وهو قادم وقريباً !.
بقلم :- سمير عبيد
مقدمة مهمة جدا :-
١- لن تتصدع وتنهار الولايات المتحدة بالسرعة التي يتوقعها الطارئون في السياسة والتحليل.فالولايات المتحدة لا تنقصها الأمكانيات .فالناتج المحلي يفوق الأنتاج المحلي للصين .وتمتلك امريكا إمكانيات بشرية وعلمية ومادية هائلة لكن تنقصها القيادة …فمشكلة أمريكا هي القيادة. فادارة ترامب والرئيس ترامب هم المشكلة. وهذا سبب عجز الولايات المتحدة الأميركية أمام جائحة كورونا.فَقُدّر من الله يأتي فيروس لا يُرى حتى بالمجهر الالكتروني العادي ليُهزم الرئيس الأميركي ويُشتت قراراته ويكشفه للعالم سياسي واستراتيجي فاشل ورجل اعمال وقناص فرص ناجح .
٢- فالرئيس ترامب كان مستهزأ بفيروس كورونا وخصص 50 مليار دولار لمواجهة الفيروس لمدة 6أشهر .فالرجل رجل بزنس ومقاولات وأرقام مادية فقاد استهتار ترامب ان لا يضع أستراتيجية غير رصد المال. اَي لم يقتنع بأستراتيحية الحجر الصحي وكان يستهزأ بها فأنتشر الفيروس في الولايات المتحدة …واضف الى ذلك لديك رئيس ليست لديه رؤية أستراتيجية بل هو رجل أعمال فقط ..وها هي امريكا ترتبك داخليا .
١-فعشرات الملايين من الأميركيين باتت تنادي بالمساعدات المالية
٢-سوق العمل تراجع وهذا سيؤثر على الاقتصاد العالمي وعلى الانتخابات الأميركية
٣- عصابات الجريمة والمافيات بدأت تنشط بقوة بحيث باتت الحكومة تتوسل بها الهدوء !.
٤- أعداد الإصابات والوفيات في تصاعد مستمر !!.
فبات الرئيس ترامب مأزوماً بحيث بات يبحث عن شماعة يعلق عليها أخفاقاته فتارة يتهم الصين وتارةً يتهم منظمة الصحة العالمية وتارة يتهم ايران وتارة يتهم الديموقراطيين وتارة يتهم جهات إعلامية اميركية بانها تريد فشله. ومن هناك الإصابات المتصاعدة بكرونا في صفوف الجيش الاميركي وعلى متن الفرقاطات العسكرية وينتشر في الولايات . و باتت ايران تتحرش بأمريكا تارة داخل العراق وتارة بالضد من السفن الأميركية في بحر العرب وقرب مضيق هرمز مثلما حصل اخيرا عندما طوقت سفن حربية إيرانية سفن اميركية وكادت تحتك بها وكلها لتزيد في أزمة ترامب !!
٣- فكل هذا جعل ترامب برميل بارود بحاجة للأنفجار وليس أمامه كأرض رخوة ليفرغ بها غير العراق .. وملف العراق سيكون كارثة اذا أُخذ من أمريكا في هذا الوقت بالذات لانه سيغير موازين القوى في الشرق الأوسط.وترامب بدأ يمسك قلبه أن لا يفقد العراق وعليه أن يأخذ زمام المبادرة مع القبول بمشاركة خصومه وأكرر مع القبول بمشاركة خصومه أن لا يفقد العراق !!!.
————-
واشنطن تنبطح في العراق مؤقتاً وعلى مضض !!.
فيبدو أن أعضاء الادارة الأميركية في حيرة بين رئيس يكاد ينفجر في الداخل الأميركي أو في العراق وبين قوى عراقية صاعدة تكاد تُفرغ يد أميركا من العراق… فسارع وزير الخارجية الأميركي بومبيو لينبطح ويتراجع عن تصريحه الشهير ضد تصويت البرلمان العراقي على أخراج القوات الأميركية من العراق وعندما قال ( لا يجوز لحكومة تصريف أعمال تبت بهذا الموضوع فهو ليس من أختصاصها /وكان يقصد حكومة عبد المهدي ) وقتالها بتبجح وفوقية !!.
وراح بومبيو ليدفع بمرشح ليكون رئيسا للحكومة وهو السيد عدنان الزرفي الذي سلم أسمه الى برهم صالح السفير الأميركي شخصيًا مع توصية بتمريره مهما كانت النتائج وكانت هناك خطة عسكرية لتمريره ، ومباشرة دعمه بومبيو اعلاميا وكذلك الدوائر الأميركية بمحاولة اخيرة لأخذ زمام المبادرة ((((ولكني كنت مقتنع لن يمر و قلت عنه ماهو الا ” كسارة بندق أميركية ولن يتخطى التصويت ” )))واستقيت ذلك من تحليل التصريحات الأميركية ودراسة الداخل العراقي والتصريحات المتضاربة .لم يصدقني أحد حينها بل شبعت شتماً من المغفلين والجهلة والعملاء كالعادة !.
وسرعان ما تنازل بومبيو وسحب دعمه للزرفي وذهب ليبارك اختيار مرشح آخر من قبل الكتل العراقية ، وباشروا بالانسحاب من بعض القواعد الأميركية في العراق ., وعاد بومبيو ليكتب الى عبد المهدي ولوزير الخارجية العراقي متوسلا الشروع بحوار أستراتيجي مع العراق لرسم العلاقة الاستراتيجية بين العراق وامريكا وهذا يعني انهم خائفون جدا من فقدان العراق لصالح الصين أو روسيا اًو لصالح ايران اًو لصالح تلك الدول مجتمعة وباتوا ينبطحون على مضض!!!. ..
وهذا ليس له تفسير إلا
١- أن الادارة الأميركية محرجة وباتت محشورة بجائحة كورونا والداخل الأميركي فتحاول كسب الوقت في الملفات الخارجية ومنها ملف العراق .
٢- تحاول ادارة ترامب تطمين العراقيين بأن واشنطن متفهمة لخوفهم ومتفهمة لكراهيتهم لبقاء الجيش الأميركي والقواعد الأميركية في العراق، وأعطوا مثال حسن نيّة (مصطنع) عندما انسحبوا من بعض القواعد الاميركية ولكنه أنسحابا مراً وكالعلقم ويخبىء وراءه حقداً كبيرا وانتقاماً أكبر حال عبور جائحة كورونا في أمريكا …….
_————-
الأدارة الأميركية أيضاً تُعيد حساباتها في المكلف العراقي الجديد !!.
من لا يعرف السياسية الأميركية عليه أن يعرف بأنها لاتدعم أشخاص بل تدعم مشاريع وفريق يحقق لها مصالحها وبالتالي هي لا تدعم الذينَ أعدائهم أكثر من أصدقائهم ولا تدعم الوجوه التي تبدأ تحترق !!!.
فعندما تفاقمت جائحة كورونا في الولايات المتحدة وباتت مشكلة تهدد الاقتصاد والأمن والسلامة الوطنية والمجتمعية في الداخل الأميركي، وان عمر انتهائها ليس محسوماً بتاريخ …. انتبهت الادارة الأميركية أنها ستخسر العراق لا محال أو سوف يتقهقر الدور الأميركي في العراق . فباتت مقتنعه أن المرشح الجديد لرئاسة الحكومة لن يضمن ثلث المصالح الأميركية وسوف يصبح سبب تهديدات وازمات ، لا سيما وان الإدارة الاميركية تعرف ان الكتل الشيعية وعندما أجتمعت جميعها تقريبًا خلف المرشح الجديد كانت على مضض ولكي تتخلص من مرشح قوي وهو السيد الزرفي . وان نصف تلك الكتل كانت غير مقتنعة اصلا وتراهن على متغيرات اميركية واقليمية لتعيد لعبتها التي مورست مع المرشحين السابقين. وان نجحت بذلك سوف يكون انتصاراً لإيران من وجهة النظر الأميركية !!.
فباتت حظوظ المكلف الجديد تتدحرج أميركيا وخصوصا من وجهة نظر وزارة الدفاع الأميركية تحديدًا , ومن وجهة نظر الأستراتيجيين الأميركيين المرتبطين بالإنجيليين والجماعات الصهيونية الذين لديهم شغل عميق في العراق وله علاقة بحسابات وأساطير وروايات !!.
وحتى من وجهة نظر عراقيين لديهم ارتباطات بجهات اميركية فاعلة باتوا يعرفون ان تمرير المكلف الجديد صعب جدا .بحيث باتَ حل البرلمان العراقي خيارًا لدى برهم صالح ( ولدينا معلومات صحتها ١٠٠٪ أن كتاب حل البرلمان وُضع في المظروف ولا يحتاج الا وضع التاريخ وإغلاق المظروف ) والقفز نحو المواقع البديلة في الفلوجة ومناطق أخرى !!. وهذا يعني لن يتزحزح عادل عبد المهدي من مكانه في الوقت الحاضر ولفترة قصيرة قادمة !!. ولكن للأميركيين رأي آخر !.
خيار الأنقلاب الهاييتي لا زال قائما وباتَ يتقدم !!.
لا زلتُ مُصراً أن الخيار الهاييتي في العراق قائما وبدعم غير معلن من وزارة الدفاع الأميركية وسوف يكون للفرقة المجوقلة (101) دوراً كبيرًا وساندا للأنقلاب الهاييتي والذي سيكون بواجهة عراقية واستعراض عسكري يبسط سطوته على الشارع ودوائر القرار مؤقتًا وبدعم أميركي ساند وحامي …..!!
والفرقة الأميركية 101 جاهزة لتنفيذ مهمتها الساندة لهذا الانقلاب الوطني المسنود من خلال تنفيذ خطة رئيس المخابرات الامبركية الأسبق جورج تينت ضد نظام صدام حسين عام ١٩٩٨ وهي گش الرؤوس الكبيرة وبقاء المؤسسات سالمة والشروع بعملية انتقالية وتبقى القوات الاميركية ل ٦ أشهر لحماية الحكم الجديد !!.
مفاجأة جديدة !!.
ولكن المفاجأة الجديدة والتي تولدت بعد اغتيال الجنرال سليماني والقائد ابو مهدي المهندس ،وبعد التهديدات والضربات الأميركية ضد مقرات ومعسكرات الحشد الشعبي والتهديد بالانتقام من الفصائل المقاومة المسلحة وفرض بعض العقوبات على بعضها وبعض قادتها ،وبعد ارتكاب خطأ التحليق بالطائرات الأميركية فوق المدن المقدسة مثل النجف وكربلاء والقصفُ الاميركي لمطار كربلاء المدني ولمقرات ووحدات عسكرية تابعة للجيش والشرطة في جرف الصخر وكربلاء والنجف .. أخذت تلك ألجهات اَي الحشد والفصائل المقاومة المسلحة وقوى سياسية وشعبية وطنية زمام المبادرة بالأستعداد للمنازلة مع الاميركيين ومهما تكون النتيجة وهو قرار عراقي بنسبة ٩٠٪ مع ١٠٪ ستكون مساعدة ودعم من ايران واعداء امريكا في العالم !!.
وان واشنطن تراقب ذلك وتعرف به من خلال اجهزتها ورصدها وجواسيسها وأخذت بنظر الاعتبار ذلك ففتحت من الآن غرف خلفية سرية في عواصم عربية وعبر وسطاء يعتمد عليهم وبدأت مفاوضات مع فصائل مسلحة ومع جهات عراقية داخل العراق ليست في الحكومة!
توقع حدوث المشهد التالي وقريبا !!.
١- موضوع الخيار الهاييتي ( الانقلاب العسكري الوطني المدعوم اميركيا ) بات محسوم بنسبة عالية جدا .وسوف تكون قبله خضات في الداخل العراقي وغليان بسبب الأسعار وشحة المواد والتدهور الاقتصادي في البلاد وعجز الحكومة بسبب تدهور أسعار النفط فسوف تندفع طلائع عسكرية وسياسية لتصحيح المسار وبدعم أميركي !.
وسوف يتم اعتقال الكثير من الرؤوس السياسية ومطاردة الآخرين والاستيلاء على مقراتهم ومكامن القوة لديهم .ومعروف ان الشعب لن يقاتل من أجلهم اًو الدفاع عنهم لأن الطبقة السياسية وبجميع فروعها مكروهة ومنبوذة من الشعب !. وان اغلب روس المكونات غير الشيعية بدأوا الخروج من بغداد نحو محافظاتهم ومقراتهم الجديدة وخصوصا المرتبطين بالأميركان !.
٢- من الجانب الآخر سوف يكون بالمقابل أستعدادا عسكريًا للمنازلة ولكن بأنضباط ..ولكن هذا الجانب لن يشاهد الأميركيين بوضوح لكي يلتحموا معهم بالقتال بل سيشاهدون عراقيين. فيبقى الأصبع على الزناد لأن هناك تحريم لدى هذا الجانب بمقاتلة العراقيين وتحريم سفك الدم العراقي !!.
٣- بهذا الوضع سوف يُسمح للغرف المغلقة بالعمل داخل وخارج العراق والشروع بمناقشة ما أنتجته الغرف الخلفية منذ فترة واخراج التفاهمات للخروج باتفاق تولد منه ( مشاركة بين الجانب الاول والجانب الثاني ) فيولد منهما حكومة أنقاذ تشرع بتأسيس التغيير الانتقالي في العراق والذي سينهي الطبقة السياسية الحالية ووجوهها بنسبة ٧٠٪ وسوف لن يسمح للإسلام السياسي الا بزاوية ضيقة وبأطار وطني فقط وستكون النتيجة:-
١- صعود وجوه جديدة غير محترقة ..وستكون مرحلة افضل من المرحلة السابقة والحالية، ولكنها ليست مثالية وليست وردية !.
٢- سيولد موعد انتخابات جديدة بشروط صارمة وقوانين صارمة وبمفوضية وطنية تحت الرقابة الدولية !.
٣- تشريع قوانين تحظر التمويل الحزبي الخارجي ، وتحظر انتهاك حرية التعبير ، وتحظر الطائفية وممارستها داخل مؤسسات الدولة وفي الدعاية الأنتخابية !!.
٤- أعادة النظر بالعلاقات الدولية وخصوصا العلاقات مع دول الجوار وسوف يمنع التدخل في الشؤون العراقية ويحاسب من يتصل بدولة أجنبية !.
٥- يُمنع مشاركة القادة القدماء وبنسبة عالية جدا و بحظر يشبه حظر حزب البعث وهذه المرة بمطالبات شعبية بذلك !.
٦- واعادة النظر بالقوانين كافة ، وبفقرات كثيرة من الدستور !!.
٧- واسقاط نظام المحاصصة والمكونات والعودة للحالة الوطنية فقط وبسبب ذلك نتوقع حدوث صراع ( كردي / كردي )في المنطقة الشمالية ونتوقع نزول قوات دولية فاصلة بين الجانبين !!.
وان اخلاء القواعد والسفارة الاميركية وسفر الدبلوماسين والقادة الاميركيين هو استعدادا ً للخيار الهاييتي القادم . وما يدور في موضوع التكليف ماهو الا مسرحية تسويف للوقت وأغراق شيعة السلطة في مستنقع الفشل وفقدان القرار الوطني من وجهة نظر الشعب !!.
ملاحظة :
انا كمواطن عراقي لم أتفاعل مع مسرحية المرشحين لتشكيل الحكومة، وكنت ولا زلت مقتنع بأنه لن يمر أحدا منهم وقلتها للزملاء ولبعض الأصدقاء سابقا واقولها اليوم …. فنحن ذاهبون للخيار الهاييتي وحتى التجديد لعبد المهدي لن ينجح. ولكنه سيبقى مدة قصيرة .فالعراق أمام مشهد سياسي جديد تصنعه مجموعات عسكرية !!.
سمير عبيد
١٦ نيسان ٢٠٢٠