محمد ناصر
الفساد نموذج من حالة عامة سادت العملية السياسية وصارت هي الطريقة المعتمدة في الدولة العراقية وكان مستواه متذبذب لجميع الحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد عام 2003.
ان صفقات الفساد حدثت في جميع مفاصل الدولة ولكن برزت بشكل كبير في مفصل الخدمات التي تعنى بضروريات الحياة للمواطنين ومنها خدمات الكهرباء
.. يعاني اهلنا في العراق صيف قاسي جداً مع انقطاع الكهرباء التي يتزامن مع اجراءات فايروس كورونا بسبب انهيار شبه تام لمنظومة الطاقة الكهربائية في البلاد وصل الى قطع التيار الكهربائي لاكثر من 15 ساعة في اليوم حيث سجلت درجة الحرارة بأعلى معدلاتها 52 درجة مئوية في مختلف مدن البلاد اضافة الى ان دائرة تجهيز وتوزيع الطاقة الكهربائية في وزارة الكهرباء غير عادلة وغير متوازنه في عملية تجهيز وتوزيع عدد الساعات بين المحافظات .
ان الصمت التي تلزمهُ وزارة الكهرباء وسياسة الوزارة وخطة السيد الوزير الجديد غير واضحة ولم يتحدثوا عن اي تفاصيل حول التردي الواضح في تجهيز الكهرباء واعتماد المواطنين في هذه الظروف المأساوية الغير طبيعية في تأمين الكهرباء على المولدات الأهلية التي تبيع وحدات الطاقة الكهربائية وفقاً لنظام الأمبير التي وصل سعر الأمبير الواحد الى (15) الف دينار .
هذه المعاناة المستمرة لأكثر من عقدين من الزمن لم ينعم العراقيون بالكهرباء الوطنية لأكثر من 10 ساعات مقطعة بسبب السياسات الغير مدروسة للحكومات المتعاقبة التي ادارت البلاد بسبب المحاصصة الطائفية وبسبب ضعف الوزراء التي يتسنمون ادارة هذه الوزارة الحيوية المهمة وبسبب التعيينات العشوائية لغير الاختصاصات في هذا المفصل الخدمي ناهيك عن الصفقات المشبوهه التي استنزفت اموال الميزانية الانفجارية التي خصصت لهذه الوزارة من اجل تحسين واقع الكهرباء المتردي .
اننا نعزو هذا الفساد المالي والاداري المعضلة الرئيسية التي تقف عائقاً امام تحسن واقع الكهرباء في بلادنا والتي لاتزال الحكومات المتعاقبة عاجزة عن توفير كهرباء مستمر الى المواطنين رغم انفاق عشرات مليارات الدولارات والتي كانت تكفي لبناء احدث الشبكات الكهربائية في العراق .
ويمكننا ان نتمثل بأن الفساد في وزارة الكهرباء بسبب سياسة الوزراء المتعاقبين الذين اداروا ملف هذه الوزارة ينقسم الى قسمين هما الفساد المالي عقود فاسدة ورشاوي التي استهلكت اموالاً طائلة هدرت في مشاريع لم ترى النور ، اما النوع الآخر هو الفساد الاداري المستشري بين مديريات الوزارة هو عدم توسد المختصين لمواقع صنع القرار في الوزارة .
وكل الدلائل التي بحوزتنا تشير ان الفساد المالي والاداري الذي انتشر في اروقة وزارة الكهرباء رغم تعاقب الوزراء على ادارة الوزارة من كل الاختصاصات لكن الفساد موجود في انشاء محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز وبلدنا من البلدان المنتجه للنفط من الدرجة الأولى على مستوى العالم ، وعلى الرغم من توفر احتياطات غاز كبيرة لدينا إلا انها غير مستغله ومع هذا يتم بناء محطات توليد الكهرباء تعمل بالغاز بدل النفط الخام والديزل يعد فساد مالي واداري كبير ، مما يضطر العراق الى استيراد الغاز الايراني بمليارات الدولارات وهذا هدر مالي وفساد كبير يخسر العراق اموال طائلة ويجعل العراق يتبع السياسية التي تفرضها الشركات الإيرانية المصدرة للغاز .
نستنتج من خلال ماذكر في مقالنا هذا ان دائرة صنع القرار في وزارة الكهرباء تتبع الى جهات سياسية مدعومة اقليمياً لاتريد لواقع الكهرباء في العراق ان يتحسن ويتطور .
اذا املنا الوحيد في الحكومة الجديدة والسيد رئيس مجلس الوزراء الأستاذ مصطفى الكاظمي والسيد وزير الكهرباء المهندس ماجد مهدي حنتوش .. ان ينتهجوا سياسة مدروسة وممنهجة حتى يعود العراق لانتاج الكهرباء الوطني التي يخفف من معاناة المواطنين ، ويبقى السؤال المحير هل يتحسن الكهرباء في ظل الحكومة الجديدة بعد ان عجزت الحكومات المتعاقبة التي صرفت أكثر من 60 مليار دولار أمريكي على الكهرباء لكن البلاد لم تشهد بناء أي محطة توليد كهرباء رصينة وفعالة .
سبعة عشر عاما والعراقيون ينال منهم الذل ويفتقدون ابسط مقومات العيش فيما يتبجح ساستهم باستعراض مفاهيم التعددية والديمقراطية .. ويدعون زلفا وبهتانا انهم المُخَلصينْ من براثن الديكتاتورية وانهم من حملوا النعيم لهذا الشعب .. فان كانوا صادقين حقا فيما يَدعّون ليتخلوا عن بعض امتيازاتهم وثرائهم الفاحش ومنافعهم و مغانمهم من هذهِ الديمقراطية التي لم يتركوا فيها سوى الفتات لملايين المساكين .. ويكفي ان نقول ان رواتب بضعة اشهر لهؤلاء الحيتان تكفي لشراء محطات كهرباء حديثة ومتطورة للمدن العراقية .