وسام رشيد
البحث عن صمام أمان لأكثر مناطق العراق والمنطقة العربية تعرضاً لفرض الأيدولوجيات الخارجية وهي المحافظات المحررة من تنظيم داعش الإرهابي عام 2017، فبعد سنوات طويلة من التجريف والقتل وتغيير ملامح الحياة، مع وقف متعمد لدورٍ سياسي وأمني وإداري ضمن التشكيل الحكومي في بغداد، وللخروج من هاجس العودة الى ما قبل التحرير، ولتفويت الفرصة على أعداء العراق وسكان هذه المناطق من العرب السنة، كان لابدَّ من حركة استثنائية على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والتنظيمي، والتعليمي، والمجتمعي، تأخذ بنظر الاعتبار الماضي السيء الذي لم يستفد منه سوى لأعداء، تحت شعارات فارغة كانت غالبيتها دينية، وبعيدة عن السلوك المجتمعي السائد منذ قرون عديدة، وهي دخيلة على أبناء هذه المناطق من العراقيين، دون فهم حقيقي لواقعها وما تعرضت له من إهمال في كثير من المحافل والفعاليات الحياتية، وبمسؤولية مضاعفة استوعبت دماء جديدة دخلت العملية السياسية.
من هنا بدأت عملية فهم مشتركة بين عناصر الجيل الصاعد الذي يملك المستقبل، وأدواته، ليشكل عدة نقاط للانطلاق لفضاء أوسع، فضاء المواطنة بكل التزاماتها تجاه جميع أبناء الشعب في الوسط والجنوب، بعيداً عن الوجهة الطائفية والعرقية التي ترسخت عبر ممارسات حزبية أسقطت على مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية لصالحها هي دون مصلحة الدولة والنظام والشعب، والتي أدت الى كوارث دفع ثمنها المواطنون دون الساسة الذين لم يستطيعوا تنفيذ اليسير من شعاراتهم التي تقضي بحماية مناطقهم من أن تكون بؤرة للتخريب والإرهاب، ومن ثَّم، ساحة عمليات عسكرية.
الشراكة الحقيقية وقوة القرار السياسي لممثلي المناطق المحررة ورموزهم مرهون بدعم أبناء تلك المناطق لهؤلاء الممثلين والرموز، وهذا الدعم بحاجة الى نجاح مضطرد، وواقع جديد يتناغم وطموحات المواطنين في تلك المناطق، الذين يبحثون عن صمام أمان، يوفر لهم سقف آمن لسلوكيات جديدة، ترسخ مبادئ المواطنة فقط، وهي ضمانة للاستقرار الأمني، الذي تعتمد عليه عمليات إعادة الإعمار والبناء، وتهيئة مستلزمات الشروع بنهضة تشمل ما جرفته سنين الدمار والشعارات القاتلة، ووقف الاستنزاف لحساب قوى خارجة عن إرادة الشعب والمواطن.
وعلى ما يبدو إن ومن خلال الحملات الإعلامية المضادة، فإن تجربة الحلبوسي في تلك المناطق أزعجت الحرس القديم للعملية السياسية هناك، فد استطاع أن يُصعد مفاهيم المواطنة الضامنة لحقوق الفرد والمجتمع بغض النظر عن الانتماءات، وهذا ما جعل التفاف المواطنين حوله يجذب الانتباه، فقد سحب البساط من تحت أقدام المنظومات العتيقة، وأصبحت تجربته تنمو على حساب كياناتهم، وأحرجتهم مع قواعدهم الشعبية التي باتت تنهار أمام رغبة المواطنين بحياة كريمة.
ومع هذا وذاك لازال المواطن في تلك المناطق يتوجس خوفاً من ماضٍ دامي ويلتف حول من يستطيع أن يحقق إنجازاً، ويكون قادراً على فهم المعادلة، ويسخِّر التناقضات للصالح العام، وبمنظور وطني، ليكون صماماً للأمن، وقائداً للإعمار، وموجهاً للعمل نحو الإزهار على كافة الصُعد.