in

المنبر الحسيني.. صرخة حق وعطاء دائم الرادود الشيخ جاسم النويني انموذجا

احمد الكعبي

 

    ارتبط المنبر الحسيني ارتباطاً عقائدياً صميماً بثورة الطف الكبرى, التي استشهد بها الإمام الحسين (عليه السلام),عام (60هـ).

ومنذ ذلك الحين وهذا المنبر الرائد يسهم في بث الحماس وإثارة الهمم والعزائم في نفوس محبي آل محمد (صلوات الله عليهم) من أجل مواصلة طريق الجهاد والتضحية والفداء, مُذكرا للأجيال بضحيات رجال نهضة الطف, مستنهضا  فيهم  تلك القيم والمبادئ السامية التي جاءت بها تلك النهضة الخالدة.

نعم.. لقد تطوّر آليات وأدوات المنبر الحسيني مع تطوّر وتقدّم الأيام والسنين, كما تطوّرت القصيدة الحسينية وتنوعت أشكالها وأوزانها, فضلا عن التجديد الكبير الذي طرأ على طرق أدائها, لذا لا غرابة أنْ نجد (الإمام الحسين) قد توهج في ضمير الشعراء القرّاء والخطباء والرواديد الذين صدحت حناجرهم بشعر المقاومة والتحدي والثورة ضد الظلم والاستبداد والطغيان  عبر كل العصور, مستلهمين منه, ومن نهضته كل المعاني  والقيم العقائدية والجهادية, بحيث أصبحت دماؤهم مشاعلا مضيئة على طريق الحرية والكفاح والكرامة ,واستطاعوا من خلال تضحياتهم الجسام أن يحوّلوا الكلمة إلى براكين من الغضب المقدّس, وتحملوا نتيجة ذلك شتى أنواع الاضطهاد والإرهاب الفكري والتصفيات الجسدية من قبل أعداء ومبغضي ( آل البيت النبوي الشريف).

وهكذا استمر حال المنبر الحسيني منذ تأسيسه الأول ولحد الآن, فذا ومعطاءً عبر كل القرون, وهو متواصل وسائر بخطى واثقة واعية على الرغم من قيود السلطات التي توالت على حكم العراق.

 

رواد المنبر الحسيني:

تميزت فترة الخمسينيات والستينيات وما بعدها بتأصيل المنبر الحسيني, إذ تبنى بعض رواد ورموز هذا المنبر في وسط وجنوب العراق, مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث الحسيني والتراث العقائدي, من خلال رفد المشهد العاشورائي بقصائد ولائية هادفة أسهمت في تنامي الوعي الثقافي لدى الجماهير العراقية والعربية بشأن الثورة الحسينية واهدافها وما انتجته هذه الثورة عبر قرون من الزمان من فكر إنساني أصيل كان ومازال يعبّر بأصدق تعبير عن روح التحدي للظلم والهوان والعبودية التي مارسها الحكّام والطغاة في قمع ثورات الشعوب التي انتفضت من أجل نيل حريتها وكرامتها واستقلالها.

والحق أنّ جيل رواد المنبر الحسيني, قد أسهموا في نشر مفاهيم نهضة الطف وبعث مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام), فضلا عن التأكيد على الجانب القيمي والأخلاقي للمجتمع المسلم, وضرورة  التمسك بمبادئ أهل البيت ومنهجهم القويم. وقد عاصرنا جيلا من هؤلاء الخطباء ,والرواديد الحسينيين الذين سطع نجمهم وتألق فنّهم وقتذاك كالسيد كاظم القابجي وعبد المحمد النجفي وحمزة الزغير وفاضل الرادود وعبد الرضا الرادود وعباس الترجمان والشيخ وطن النجفي والملا حمزة السماك الكربلائي والملا فاضل الصفار وياسين الرميثي,والسيد محمد فليح العوادي  وغيرهم من القامات المنبرية الكبيرة.

  لقد رحل جيل من هؤلاء الكبار, وبقي منهم جيل آخر  مازال يواصل تلك المسيرة الحسينية بخطى واثقة, وروح وثابة لا يفارق الأمل والإشراق, منهم الرادود القدير الشيخ جاسم النويني,الشهير بالطويرجاوي, والذي سنسلط الضوء في سطورنا اللاحقة على تجربته مع المنبر التي استمرت لعقود طويلة من الزمن.

 

 

 

 

لمحة عن حياته وتجربته مع المنبر الحسيني

هو الشيخ جاسم ابن الشيخ عبد العظيم ابن الشيخ طاهر النويني الغراوي, ولد في قضاء الهندية (طويريج) التابع لمحافظة كربلاء عام 1934م, واستقر هو واسرته في هذه المدينة ,ولم يفارقها, منذ أن هاجر إليها جده المرحوم (طاهر النويني) من مدينة النجف الأشرف بتوجيه من المرجعية الدينية ، لتعليم صبيان العشائر مبادئ العلوم الاسلامية وتعاليم القران الكريم انذاك.

درس الشيخ جاسم النويني في صغره في مدرسة العرفان الإبتدائية, ثم اتجه للمنبر بتأثير من والده الخطيب الأديب الشيخ عبد العظيم النويني وخاله الحاج حسين الغراوي الذان تعلم منهما فن الخطابة ومبادئ المنبر الحسيني.

ارتقى المنبر خطيبا وناعيا بتشجيع من والده بعد أن أحس بنضج موهبته, وتمتعه بصوت متميّز يحمل مؤهلات النجاح والاستمرار والتواصل, وهكذا اثبت حضوراً قويا بين اقرانه من الرواديد, ولاسيما أنّه كان يتمتع بحافظة قوية للشعر بنوعيه الشعبي والفصيح.

كتبَ له عدد كبير من الشعراء الشعبيين الحسينيين, يقف في مقدمتهم الشيخ هادي القصّاب والشيخ عبد الحسين أبو شبع  وكاظم منظور الكربلائي وعبد الحسين صبره الحلي والشيخ إبراهيم حسون الهنداوي  وعدنان جدي وسيد سعيد الصافي وجابر الكاظمي وابي فاطمة العبودي  وغيرهم. 

تميّز بقراءة القصائد السياسية والاجتماعية ,وبسبب ذلك تعرّض لاعتقال عدّة مرات, كما تعرّض للمضايقات في أيام النظام الصدامي العفلقي المجرم.

بُثت بعض القصائد التي قرأها من إذاعة بغداد, ولاسيما في الستينيات والسبعينات من القرن المنصرم.

وعلى الرغم من كبر سن هذا المبدع, وبلوغه من العمر عتيا, إلا أنه مازال يمارس خدمة المنبر الحسيني بعطاء منقطع النظير, ولم يكتفِ بذلك, بل جعل من منزله مدرسة لتعليم الجيل الناشئ فن الانشاد الحسيني. صدر عن حياته وتجاربه واخباره كتاب موسوم( جاسم النويني عميد الانشاد ومفخرة المنبر)

تاليف الكاتب احمد الكعبي يقع الكتاب 448صفحة ، عنى بطباعته ونشره الحاج باسم الكربلائي وفاءا منه للشيخ النويني واحتفاءا بجهوده المنبرية الكبيرة.

 

 

 

 

 

أميرة يابانية تتخلى عن لقبها الإمبراطوري لتتزوج من عامة الشعب

الحرس الثوري: قواعد وحاملات الطائرات الأمريكية في مرمى صواريخنا