وسام رشيد
غابت كثيراً مظاهر الاشراف المباشر على اداء الاجهزة الحكومية في الادارات التي تقدم الخدمة للمواطنين، او القطاع الخاص الذي ينفذ مشاريع تنموية او اقتصادية، ولم نرى منذ سنوات طويلة مسؤولاً تنفيذياً او تشريعياً يتقارب مع الكوادر لتسهيل الصعاب، وتسريع عملية الانجاز، وتشخيص الخلل بشكل اكثر حزماً وسرعة من عشرات اللجان التي تتشكل وتبحث وتحقق وتجتمع مراراً ثم تنتهي بتوصيات لا تتناسب مع اساس تشكيلها، فضلاً عن الوقت الضائع، وعلى ما يبدو ان الاشراف بشكل مباشر هي صفة القائد الذي يبحث عن مصالح شعبه وامته ووطنه، وهي صفات تتعلق بالعمق الثقافي ومقدار الوعي، والفهم الناتج عن اطلاع واسع للتأريخ الذي يذكر لنا نماذج ناجحة من تلك الميزات التي تتكامل دائماً مع رغبات جماعية لطبقة محددة من الناس، تتحول شيئاً فشيئاً الى ادوات لتلك الشخصيات، التي تثير الاعجاب وتكتسب ثقة العامة.
الثقة وهي الحلقة المفقودة في اي عملية بناء، سواء تكوين منظومة سياسية او ادارية، وهي لُبنة اساسية تتكامل معها عمليات البناء، مع صعوبة نيلها، لكنها تتكون بشكل مضطرد، وتتسارع مع رؤية نماذج ناجحة، وشواهد محترمة، في مجالات اكمال مستلزمات الحياة، خاصة في العراق الذي يعاني من سلسلة تبدأ ولا تنتهي من المشاكل والنقوصات الخدمية والامنية وحتى الوجهة السياسية غير المستقرة، وبروز نموذج سياسي بنّاء يعني انه وقف على عتبة النجاح شعبياً، وبالتالي تحقيق جزء من اشتراطات نيل الثقة من المواطن بالرغم من الصعوبة وقلة التفاعل مع واقع سياسي واجتماعي، وشيوع مفاهيم دينية ومذهبية تعرقل اي جهد للتقدم، مع توفر عنصر المنافسة الحزبية التي تقفز الى الواجهة مع كل منجز يتحقق لشخصية سياسية او جهة او كتلة نافذة على الساحة الوطنية الشاملة او المحلية داخل المحافظات والمدّن العراقية.
العمل الميداني هو الذي يجذِب الانظار ويحفز الاخرين لتنفيذ المهام التي تتعلق بمصالح العامة، بغض النظر عن التخصص، فالشعور بالمسؤولية هو الدافع الاساس لعملية تقييم اداء الاجهزة ومحاسبة المقصر، ولا بأس بإستثمار الساحة السياسية لانجاز اعمال خدمية او صحية تتعلق بحياة المواطن، فالظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، وتداخل الوضع السياسي مع كثير من المفردات التي يتعايش معها المواطن، فلم يعد مهماً الصفة التي تتمتع بها الشخصية العامة بقدر ما تقدم من اعمال تساعد المواطن على مواجهة تلك الظروف، فمثلاً عندما يتجول السيد محمد الحلبوسي في شوارع واحياء العاصمة او الرمادي، فالمواطن يتطلع لتلك الجولة على انها ستنهي بعضاً من معاناته، وعندها لا يفكر المواطن بمنصبه التشريعي بل بقدراته السياسية لتسيهل المهام واختصار الزمن وحل الاشكالات، في الوقت ذاته يتكون في ذاكرته شكلاً جدياً للشخصية السياسية التي تهتم للمصالح الناس الآنية، وتكتسب شعبيتها بشكل اكبر واعمق واوسع من تلك التي تتعامل مع الواقع بمذكرات الورق وتطبيقات التواصل الالكترونية.