The Iraq National Museum in Baghdad, Iraq, was looted in 2003 but has since reopened. A statue of Nabu, the 8th century BC Assyrian god of wisdom, stands before the building.
in

الهوية الوطنية ودور المتاحف في تعزيزها ( متحف الناصرية أنموذجا)

اعداد: عامر عبد الرزاق – مدير متحف الناصرية الحضاري

بدا من البديهي نجد ان الولاء في الوطن العربي يكون في المقام الأول إلى القومية والدين والمذهب والمنطقة والقبيلة وحتى الأعمام والأخوال, في مثل هكذا مواضيع علينا ان ننتمي الى ابينا وابونا في ما نطرحه هو بلدنا ووطننا الموحد , كل الهويات والعناوين الثانوية هي ولاءات . فأنت وانا ننتمي الى بلدنا الذي ولدنا ونشأنا فيه. هذه هويتنا التي ندعو اليها ولكن ايضا عندنا لا عيب اننا نوالي قوميتنا او هوياتنا الفرعيه ولم نقل ننتمي اليها بل قلنا نواليها وانما الانتماء فقط لبلدنا وهويته الوطنية الواحدة بمعزل عن هويتنا الفرعية .

لاشك ان بناء دولة مدنية قائمة على أساس المواطنة هو الحل الأفضل والأنسب دون تمييز قومي أو ديني ويعيش الجميع بمساواة تامة,, ولكن كيف سنحصل على ذلك ؟ لابد علينا اولا ان نهيأ الأجواء الشعبية الداخلية لإقامة مثل هكذا نظام ونوع الحكم الذي يوفر تلك الشروط .. ويستلزم ذلك نشر الوعي الثقافي لدى الشعب المتعدد في مسألة الانتماء والولاء لهوية هذا الوطن.
وهنا لابد ان نعرف الهوية الوطنية أو هوية الأمة , وهي لها تعريف متفق عليه وهي أساس من أساسيات الدولة الحديثة . أنها علاقة وعقد بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق , والمبادئ التي تقوم عليه مفهوم تلك الهوية هم مبدأين أساسيين : الأول هو الانتماء , حيث يجب إن يكون هنالك شعور بالانتماء إلى شيء ما ,أو إلى المجتمع تحميه دولة ما , فمتى ما تحقق لنا هذا الانتماء تحقق لنا البعد الثاني للهوية الوطنية , إلا وهو الولاء , حيث تشعر انك تنتمي إلى المجتمع كان من الواجب والمفترض عنده إن تمنح ولاءك له , وعليه لا حديث عن الهوية الوطنية من دون الحديث عن هذين المبدأين المتوافقين والمتكاملين معا..

ولناخذ العراق كأقرب مثال لما يحتويه من نموذج حي لهذه المسألة المعقدة وكذلك نطرح بوادر نجاح هذه الدعوة. ان سؤال الهوية الوطنية في العراق لم يستكمل جوانبه لأسباب عديدة ومعروفة وقد يكون هنالك منشأ إيديولوجي أحاط بالحالة دون إن تكون هنالك هوية, إن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست عام 1921 دخلت في إشكالية حينما وجه الملك فيصل الأول عام 1931 رسالة إلى الحكومة العراقية , استغرب فيها عدم وجود شعب اسمه الشعب العراقي ,, وان الولاءات الضيقة الفرعية هي الغالبة , حيث تعلو قوة العشائر على قوة الدولة , هذا بالتأكيد مبررا يدفعنا لتساؤل عن أسباب انتكاسة الهوية الوطنية وعدم اكتمالها في العراق وسبب ذلك تمثل بالطائفية والولاءات الضيقة للهويات الفرعية بدل الهويات الوطنيه وكذلك تهور النظام الحاكم بغض النظر عن نوعه ومدى استغلاله للطائفيه وتوظيفها لمصالحه الضيقة بعيدا عن مصالح الامة الواحدة
وبالتالي قد نستطع إن نصنع هوية وطنية متجددة مادمنا قد اتفقنا على إننا في انعطافة وطنية كبرى, وهنا دور المتاحف في ابراز الهوية الوطنية وجعلها عنوانا للانتماءات الرئيسة للانسان بدل الانتماءات الفرعية.
إن جميع المتاحف لديها تاريخٌ لتخبره، فهي أكثر من مجرد مكان يحتوي على القطع الاثرية؛ بل إنها انعكاسات معقدة للثقافات التي نشأت فيها ، متضمنة السياسات والأنظمة الفكرية والاجتماعية. فمن خلال القطعة الأثرية نستطيع أن نستشف تقاليد وعادات وأفكار وطموحات ذلك المجتمع فهي ليست قطعة صماء.
فيمكن تعريف الثقافة بأنها الممارسات الاجتماعية التي يكون هدفها الرئيس التعبير عن المراد – ويختلف باختلاف المجتمع والأشخاص-، وهي مستوى اجتماعي يرتقي إليه المجتمع فتُنتج صور تُعبِّر عن الواقع.
إن الفرضية الأساسية لنقّاد ما بعد الحداثة* أننا نُبنى في قوانين ثقافتنا ولغاتها، فلا تبدو القوانين مصطنعة لنا، بل تبدو طبيعية بالكامل؛ وسبب ذلك هو قوة تأثير الثقافة في تعريفنا الأمور ونظرتنا تجاه العالم، فالثقافة تُجَنِّس القوانين باختلاف الجنسية، وننسى أن الطريقة التي نعرِّف فيها أنفسنا -وغيرها من الأمور- تعتمد على الخيارات التي نتخذها فتجعلنا بدلًا من ذلك نتخيل أن الأمور كانت دائمًا بهذه الطريقة.
يتيحُ النقد الفني لما بعد الحداثة طريقةً لتحدي تلك الفكرة، عن طريق إظهار كيفية إنشاء تمثيل مرئي للعِرق والطبقة والنوع والجنس وكيف يتغيرون وكيف يشكلون الهُوية.
إن المؤسسات الثقافية جزءٌ لا يتجزأ من إنشاء الهُوية، فقد ظهرت مؤسسة جديدة مهمة في الثقافة الأوروبية في أواخر القرن الثامن عشر وهي متحف الفن العام.
لقد أدت المتاحف -في إنكلترا مثل المتحف البريطاني والمتحف الوطني للفنون، وفي فرنسا مثل متحف اللوفر، وكذلك في ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية- أدوارًا مهمة في تحديد الهُوية الوطنية لكل بلدٍ منها.
أعرب العديد من المهتمين بالمتاحف عن أسفهم إزاء الأسلوب المُتَّبع في تلك الفترة؛ فعندما يدخل الشخص العادي إلى المتحف لمشاهدة ما يحتويه، يُعجب بالمعروضات دقائق معدودة وينساها بعد ذلك، فعدم وجود شروحات عن القطع الفنية في ذلك الوقت خلق مشكلة في فهم الناس لمعنى القطع الموجودة.
ولهذا عملنا بجد لأخراج المتحف من دائرة الضلام الى بوصلة النور وكان الهم الابرز من نشاطاتنا هو احياء الهوية الوطنية للعراق من خلال معالجة جملة من القضايا وكان لكل نشاط دور في احياء جانب من جوانب الهوية الوطنية وكان ابرزها الشروحات لكل قطعة فنية واثرية موجودة في المتحف وتعبر عن العمق الحضاري والارث الثقافي لهذا الوطن فهي الجذور الاولى للهوية الوطنية
وعلى سبيل المثال بدأت بفكرة استقطاب الناس لزيارة المتحف وهنا تبرز قضية رئيسية هو اطلاع الناس والشباب بشكل خاص على ارثهم الحضاري العريق وما له من تأثير على الهوية الوطنية للعراق . فبلد مثل العراق زاخر بالإرث الحضاري والتراثي ومن الجميل ان يطلع الشاب العراقي على ارثه الحضاري ومعرفة جذوره الحضارية والعرقية .فالشجرة التي تمتد بعض سنتمترات بالأرض تقع بأقل ريح أو أعصار يأتيها أما الشجرة الممتدة جذورها أمتارا بالأرض فتكون صلبة لايمكن لها السقوط فهكذا نحن البشر فالاثار والحضارة هي جذورنا الممتدة وعلينا أن ننمي تلك الجذور ونغذيها ونسقيها من خلال ثقافة المتاحف
ثم مررنا بتجربة جميلة وكانت في غاية الروعة هو فتح ابواب المتحف في المناسبات والاعياد اذ كانت لهذه الفرصة بوابة لاستقطاب كل الفئات من شباب واطفال ورجال ونساء وبرز هنا دورنا في تعزيز روح الهوية الوطنية من خلال الشرح لماهية مقتنيات متحف الناصرية الحضاري من اثار وكل قطعة اثرية تحمل بعدا سياسيا واقتصاديا ودينيا وكلها تعزز من مفهوم الهوية الوطنية لدى الزائرين وتغذي روح الهوية الوطنية فيهم وركزنا بذلك على طبقة الطلبة والأطفال والشباب فأصبح متحف الناصرية عبارة عن معمل لصناعة أجيال تعشق وطنها بأبراز كل الايجابيات لما قدمته تلك الحضارة للأنسانية جمعاء وكما يقول الباحث الاثاري صاموئيل نوح كريمر(من هنا بدأت أوائل الأشياء
ثم عملنا في فتح ورشة داخل المتحف لصناعة مجسمات تحاكي ارثنا الحضاري وكانت توزع مجانا كهداية على الزائرين وهي بدورها كانت فرصة لتعزيز الهوية الوطنية من خلال اطلاع الناس على جذورهم الحضارية المعرقة بالاصل القديم وهنا تعزز عند الزائر حبه ومدى تعلقة بانتماءه لهذا الوطن الزاخر بالارث الحضاري العظيم وقد وصلت هذه المجسمات الى العديد من دول العالم وقد بدأنا بمجسم زقورة أور فوزعنا منه لحد الآن أكثر من 4000 ألاف نسخة وبشكل مجاني وبعد ذلك تطور عملنا فصنعنا أكثر من عشرين نموذج للقوالب وهي أسد بابل بوابة عشتار القيثارة السومرية سيدة الحضر الثور المجنح أناء يمثل رموز الحضارة الرافدينية وفي هذه الدورة العلمية التي دامت أربعة أيام بدأنا نصنع من مادة البولستر أو مايسمى بالمرمر الصناعي وكان متحفنا عبارة عن مصنع للتنمية الوطنية لانه يمثل تاريخها وامجادها وبهذا نكون قد وفقنا في اظهار الروح الوطنية لان كل قطعة اثرية تحاكي جذور هذا الوطن العريق وهويته العظيمة
ثم عملنا مكتبة الكترونية ضخمه مربوطة على برنامج تلكرام ونشرنا فيها اكثر من خمسة عشرة الاف كتاب الكتروني ونطمح ان يصل عددها اكثر من مائة الف كتاب وهنا من خلال هذه المكتبة الاكترونية جذبنا الاف الباحثين من مختلف دول العالم وبالأخص الباحثين العرب وكان لهذه المكتبة الدور البارز في نشر ثقافتنا وتاريخنا لانها ساهمت في نشر كل الكتب التاريخية والاثرية المتخصصة بالحضارة العراقية وكانت تنشر مجانا
وكذلك استقطبنا متطوعين كثر وكان من ابرزهم قارئ المسماريات علي جودة الموسوي الذي يعمل رقم مسماريات بختمه تحاكي الكتابات المسمارية ونوزعها هدايها ونكتب لزوار المتحف اسمائهم باللغة المسمارية وتكتب هذه الاسماء داخل المتحف اثناء الزيارة وما لهذه الخطوة من اهمية في زرع الروح الوطنية داخل روح الزائر
كل خطوات نخطوها سواء داخل المتحف او خارجه كان السمة البارزة في اهميتها تكمن في بث الوعي الحضاري والثقافي لتعزيز الروح الوطنية في الشعب العراقي بعد ان غابت عنه لسنوات بسبب الحروب وجور الحكام
وكذلك قمنا بطباعة كتيب(أبجد عراقي) يحاكي الابجدية العربية موسومه بالمقتنيات الاثرية والحضارية العائدة لبلدنا وهنا عملنا بهذه الخطوة لزرع الوطنية في نفوس الاطفال لانهم يمثلون جذور هذه الامة ومن المهم ان نغذي هذه الجذور بروح الوطنية وحبهم لهويتهم العرقية
وكذلك جلبنا لعبة اور وهي اللعبة المكتشفة في اور من قبل السير ليونارد ولي عام 1920 في المقبرة الملكية والتي تعود الى عام 2500قبل الميلاد والقطعة الأصلية موجودة الان في المتحف البريطاني في لندن ولهذا جلبناها من الأمزون بعد أن قام علماء الاثار الغربيين بفك رموزها وأيضا تمت صناعتها لتعليم أطفالهم وشبابهم بطريقة لعبها ولهذا قلنا في متحف الناصرية نحن الأولى بتعليم شبابنا على تلك اللعبة السومرية ونشرها في المجتمع وسنقوم بصناعتها داخل المتحف وبالتالي تكون هذه اللعبة مفتاح لمعرفة الاطفال وكذلك الشباب بما كان يقدمه اجدادنا العراقيين في هذا المنظار فهم لم يتركوا شيا الا وعملوه………..

الحلبوسي : في يوم النصر على الإرهاب نستذكر الملاحم التأريخية

الفياض في ذكرى النصر: الحشد جزء من المنظومة الأمنية ويلتزم بأوامر القائد العام