١-إيران تُغير عناوين المرحلة .. تعالوا معنا !؟
٢- المنطقة أمام تموضع جديد ..سوريا لروسيا والعراق لأمريكا …ولكن !؟
بقلم :- سمير عبيد
التصريحات الإيرانية وملامح عناوين المرحلة الجديدة!
١-ليس كلاماً للإعلام، وليس كلاماً إنشائياً عندما يُصرّح المرشد الأعلى في إيران آية الله الخامنئي قبل استهداف القاعدة الأميركية ” عين الأسد” في العراق بصواريخ أرض أرض ويقول (أيران مسؤولة عن الرد وليس حلفائنا في العراق والمنطقة !!) هذا يعني أن المرشد أعطى توجيها عقائديا لحلفاء ايران بعدم الرد . لأن إيران لا تريد نشازاً على خططها التي تم وضعها لمرحلة مابعد اغتيال سليماني والتي تريد أن تراعي من خلالها المصالح الأيرانية ، واستثمار موضوع اغتيال سليماني لمصلحة إيران والنظام الحاكم والشعب الايراني لأن في إيران حكماء وليسوا ساسة مراهقين ومتهورين !.
وبالفعل بعد توجيه الضربة الصاروخية الإيرانية الى القاعدة الأميركية في العراق وقال عنها المرشد الايراني ( أنها مجرد صفعه أولى) وبعدها صرّح قائلاً وتحديدا بعد تصويت البرلمان العراقي بالضد من التواجد الأميركي في العراق قائلا ( الرد الايراني على اغتيال سليماني هو خروج الولايات المتحدة من المنطقة … وسوف يخرجون!! ) .وهذا بحد ذاته توجيه و أعطاء الأشارة للحلفاء للشروع بحرب الأستنزاف وعبارة( من المنطقة) يعني أشارة وتوجيه لجميع الجبهات الصديقة لإيران في المنطقة .
وحصرها بالجانب العسكري الأميركي في المنطقة حصريا ً وليس ضد الأهداف الأميركية بالمطلق وهذا ما أكده الحليف الأول لإيران في المنطقة ايضا والمتمثل بحزب الله وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله عندما فرّق بين الجانب العسكري الأميركي وهم خصوم واعداء، وبين الجانب المدني الأميركي بالمطلق. وهؤلاء ليسوا خصوم وليسوا أعداء حسب قوله !!.
٢- والأصلاحيون في ايران وهي الجبهة التي يقودها الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف يريدون إنهاء ملف اغتيال سليماني بالتعادل وانهاء الموضوع وعندما قال ظريف ( لقد حصل الرد الايراني وهذا يكفي وانتهى ! ) فرد عليه المرشد الخامنئي ( أنها مجرد صفعه أولى ) !!.
٣- ثم المؤتمر الصحفي الذي من خلاله توضحت صورة الأستراتيجية الإيرانية أكثر وأكثر من خلال تصريحات الجنرال (أمير علي حاجي زاده )قائد القوة الجوية في الحرس الثوري والذي أكد فيها على أمور كثيرة أُضطّر على قولها بعد “اللغط” الاعلامي والتفسيرات المتضاربة حول غاية الضربة الصاروخية ونتائجها واللغط حول حصاد الضربة ..الخ …..فقال :-
١- قال :- نحن أطلقنا صواريخنا على محيط القاعدة الأميركية كصفعة للولايات المتحدة وتحدي لها !.
٢- قال :- لم نقصد قتل أميركيين وتجنبنا سكن وتواجد الأميركيين لأننا ضد قتل الناس ،ولهذا كانت الضربة فنية ورسالة للأميركيين أننا قادرون على الرد !.
٣- وأكد ايضاً على موضوع أخراج القوات الأميركية من المنطقة على أنه الهدف الذي يعادل مقتل الحنرال سليماني وما ضرب القاعدة الا صفعه وهي ليس الرد الحقيقي.. حسب قوله !.
————
مالذي توضح لدينا من تلك التصريحات !؟
أولا :-
توضّح لدينا أن هناك عناوين جديدة للأزمة الإيرانية – الأميركية وبعيدا عن عنوان الملف النووي وهذا نجاح يُحسب للذكاء والحكمة في ايران ! … وأهمها :-
١- العنوان بات :- ستكون هناك حرب أستنزاف ضد التواجد الأميركي في المنطقة حتى إنهاء هذا التواجد في المنطقة
٢-ستكون هناك مرحلة ( كر ..و..فر) بين واشنطن وطهران في المنطقة وليس فيها بصمات إيرانية مباشرة بل هناك وكلاء سيقومون بذلك !.
٣-ستباشر إيران بأستراتيجية شق الصف الأميركي داخل الكونغرس، وداخل ادارة ترامب ، وداخل الشارع الأميركي /ولقد سجلت ايران نجاحات في ذلك !.
٤-تحاول إيران أن تكون لاعباً مهما في الانتخابات الأميركية وبالفعل بدأت معالم ذلك، حيث هناك رضا من الديموقراطيين وزعيمة الكونغرس والشارع الاميركي على نوعية الرد الايراني. وانتقادات حادة لقرار ترامب باغتيال سليماني .وأول الغيث التصويت على ايقاف الصلاحيات العسكرية لترامب في شن الحرب ضد إيران وهذا بحد ذاته انتصار لإيران وتقليم أظافر ترامب !.
ثانيا :-
نجحت ايران الى حد بعيد من تغيير عنوان الأزمة والمرحلة من عنوان ( الملف النووي والجدل فيه وعليه ) الى عنوان ( أخراج القوات الاميركية من المنطقة ..والحرب الباردة بين طهران وواشنطن) والتي ستكون فيها إيران اقوى من واشنطن
ثالثا :-
الرمزية التي تعمدت إيران أخراجها أثناء الؤتمر الصحفي لقائد القوة الجوية في الحرس الثوري …أي أن ظهور أعلام الحركات المقاومة خلف قائد القوة الجوية للحرس الثوري الجنرال أمير حاجي زاده لها دلالاتها الكبيرة للغاية… حيث أعلام جبهة المقاومة في المنطقة. ووجود علم إيراني واحد ووحيد له رمزيته ايضا … ومن اهم الرموز والرسائل التي أرادت إرسالها إيران من وراء ذلك ……… هي :-
١- تعمدوا على وضع أعلام الأحزاب والحركات المقاومة للمشروع الأميركي وهي أشارة واضحة ورسالة ( أن تلك الاعلام هي للجيوش التي أسسها الجنرال سليماني ) وهي التي سوف تأخذ زمام المبادرة بالرد على اغتيال مؤسسها و بأخراج القوات الأميركية من المنطقة ثأرا لقائدها سليماني !.
٢- أرادت إيران الأشارة من تلك الاعلام إيصال رسالة أن تلك الحركات والأحزاب التي أسسها وأشرف عليها والاخرى التي دعمها الجنرال سليماني هي (ولي الدم) بالرد ضد القوات الأميركية في المنطقة وسوف تطرد التواجد الأميركي في المنطقة !.
٣- وضعوا العلم الايراني الوحيد بأشارة ورسالة واضحة في جهة اليمين على وقوف الجنرال حاجي زاده..وهي أشارك أن جميع تلك الحركات والأحزاب والتي إعلامها خلف العلم الايراني هي بأمرة إيران!!!! ….ووضعوا علماً واحداً وليس أعلام وتعني :- أن أيران وفِي موضوع الرد على اغتيال سليماني (ستكون واحدة من ضمن هذه الحركات والجيوش التي أسسها المغدور سليماني ) !!.
٤- والآن نوضح تلك الأعلام التي صُفت خلف وبجوار العلم الايراني وهي :-
١- العلم الايراني
٢- علم الحرس الثوري
٣- علم القوة الجوية /حرس ثوري /قوة الفضاء
٤-علم حزب الله اللبناني
٥- علم أنصار الله / الحوثي
٦-علم الحشد الشعبي /العراق
٧- علم حركة حماس /غزة
٨- علم حركة فاطميون / افغانستان
٩- علم زينبيون / باكستان
١٠-وآخرين ايضا
٥-الرمزية في توزيع جغرافية الصواريخ المنطلقة من ايران بنفس توقيت اغتيال سليماني كانت رسالة مهمة جدا للأكراد العراقيين بأنكم لازلتم تحت رحمة إيران وأياكم الوقوف مع أعداء إيران ضد ايران …ورسالة الى (سنة امريكا) في العراق ومفادها أياكم ونكران الجميل وركوب الجبهة الاميركية والعمل على التقسيم والتأجيج ضد إيران !!.
٦- والأهم هو المعرفة الإيرانية بأهمية ما توصلت اليه إيران من انجازات جيوسياسية وانجازات أستراتيجية بحيث باتت تركيا تقلدها أخيرا .فذهبت مباشرة نحو ليبيا وعلى خطى الإيرانيين الذين باتوا لاعبين مهمين في العراق وسوريا ولبنان واليمن..
ولهذا لم تتهور ايران في الرد حول اغتيال سليماني لكي لا تفقد منجزاتها الاستراتيجية التي تحققت خلال السنوات الماضية .. والتي باتت تركيا تقلدها اخيرا . #وحتى السعودية ذهبت لتقلد ايران قبل سنوات في اليمن ولكنها فشلت ولازالت عالقة في المستنقع اليمني، وعندما جربت السعودية في سوريا خسرت ايضا لأنها دولة حديثة وليس لها عمقاً في تاريخ الأمم عندما نقارنها مع تركيا العثمانية وايران الفارسية !!. ….
———-
التموضع الجديد بعد أغتيال الجنرال سليماني :-
جميع الدول والأطراف مشكوك فيها في موضوع أغتيال الجنرال سليماني وذلك لأهمية هذا الرجل في هندسة عناوين المرحلة. بدليل أن غياب سليماني بات فاصل بين زمنين (زمن مضى وكان لاعبه الخفي الجنرال سليماني ….وزمن بدأ وباتَ لاعبيه كُثر ) !!.
ولهذا بدأت الشكوك والتحقيقات حول تخطيط ووشاية انطلقت من دمشق نحو الأميركيين ومن أجلها تعطل إقلاع الطائرة لساعتين دون ذكر الأسباب ليقوموا باغتيال الجنرال سليماني في مطار بغداد وهو قادم من دمشق !!.
ولهذا بات المشهد الاقليمي مختلف بعد رحيل الجنرال سليماني وخصوصا في سوريا والعراق مما دفع بالروس لأعلان هيمنتهم بلا شريك على سوريا من خلال زيارة بوتين … ويحاول الأميركيون هيمنتهم على العراق بلا شريك أيضا …
لهذا بات هناك تموضع دولي وإقليمي جديد في المنطقة !!.
أولا :-
أنّ زيارة الرئيس الروسي بوتين الى سوريا بُعيد اغتيال الجنرال سليماني مباشرة حيث المقر العسكري الروسي في سوريا وليس القصر الجمهوري السوري ، ودعوة الرئيس الأسد الى لقاء الرئيس بوتين في المقر الروسي له دلالات مهمة جدا .استطاع من خلالها بوتين إرسال رسائل ممهة وهي:-
١- إرسال رسالة من الرئيس بوتين مفادها الأعلان عن أنسحاب التأثير الايراني وانهاء الأنتشار الايراني في سوريا ( وهذا ما أكدته بنفسي في ندوات تلفزيونية ومقالات قبل أسبوعين وقلت :- إيران انتهت بسوريا وسوف تخرج منها وهذا ما تقرر في الغرف الخلفية حيث المفاوضات السرية بين واشنطن وطهران برعاية دول ثالثة…. ) وتحقق ذلك !.
٢- لقد أرسل الرئيس الروسي بوتين من خلال زيارته ودعوة الرئيس الأسد نحو المقر الروسي رسالة لجميع الأطراف واهمها الولايات المتحدة واسرائيل وتركيا بأن سوريا باتت تحت الوصاية الروسية. وان روسيا باتت هي الأخ الأكبر في سوريا ومن يريد شيء من سوريا او يريد يشتكي من سوريا يتصل بموسكو من الآن فصاعدا !!.
٣- لقد أرسل الرئيس بوتين رسالة مهمة جدا من خلال وصوله لسوريا بعيد اغتيال سليماني الى الإسرائيليين بأنهم بمأمن من فتح جبهة إيرانية من سوريا ضد اسرائيل ،وعدم الاعتداء والتحرش من الآن فصاعدا بسوريا والرئيس السوري ، وعدم الحرب الإعلامية والنفسية ضد ايران ولهذا سحب نتنياهو تصريحه مباشرة وغيره قائلا ( اسرائيل ليس لها دور في عملية اغتيال سليماني وهو قرار اتخذه ترامب بمفرده ) علما كان التصريح السابق ( أنهم سعداء بأغتيال سليماني وكانوا شركاء وعلى علم بالعملية ) !!.
ثانيا :-
نعتقد أن أول الجبهات التي ستفتحها إيران عبر حلفائها ضد التواجد العسكري الأميركي سوف تكون في سوريا.لأن هناك فصائل كثيرة ومتعددة في سوريا ( عراقية وإيرانية وأفغانية وغيرها) كانت تستعد لفتح جبهة ضد اسرائيل من سوريا .وحسب ما نتوقعه بات واجبها الجديد النزول من الحدود السورية الاسرائيلية نحو ( فتح جبهة أستنزاف ضد القوات الأميركية في شرق سوريا وفِي دير الزور ومناطق تواجدها قرب النفط السوري ) وهذا تحبذه روسيا بل ستدعمه سرا …ونعتقد سوف تنسحب امريكا من سوريا نهائيا نحو العراق وسوف تتابعها تلك الفصائل التي ستدخل هي الاخرى نحو العراق للمهام الأخرى !.
ثالثا :-
تحاول الولايات المتحدة استيعاب الضربة الإيرانية لقاعدتها والشروع بالعودة الى السيناريو ألذي بدأت فيه في العراق ..والذي بموجبه :-
١- أسقطت حكومة عبد المهدي وحولتها لتصريف اعمال
٢- وأوقفت الاتفاقية الصينية العراقية
٣- وتدخلت في المظاهرات العراقية ( السلمية ) وحورت مشهدها لصالح الولايات المتحدة
٥- ومحاولة فرض رئيس وزراء جديد يدور في الفلك الأميركي وبعيد عن ايران
٦- تحاول واشنطن مستميته وبمساعدة دول خليجية من خلق جبهة شعبية داخلية رافضه للتواجد الايراني في العراق
وعندما تجد الولايات المتحدة صعوبة وفشل في تحقيق ما ورد اعلاه بحيث تكون هي صاحبة السبق في هندسة المشهد العراقي.. سوف تتجه الى مايلي :-
١- سوف تتجه لفرض عقوبات قاسية على فصائل الحشد الشعبي والفصائل الأخرى !.
٢- سوف تفبرك ضربات ضد مصالح اميركية وغربية وسوف تتهم فصائل عراقية بعينها وسوف يتم حظرها !.
٣- على أثر ما ورد في النقطة ( ٢) سوف تنجح أميركا بصنع أصطفاف غربي مدعوم خليجيا لبلورة سلسلة قرارات بالضد من الحشد الشعبي وبعض الفصائل المهمة ليتم استهدافها ( لا سيما وان لدى واشتطن سلسلة من الأهداف والاسماء التي سيتم استهدافها وملاحقتها )
———
٤- سيتم متابعة فصول ( العملية التصحيحية بانقلاب عسكري ) يعني ليس انقلاب عسكري بالمعنى الحرفي وبيان رقم واحد ؟ وليس انقلاب عسكري وطني بالضد من امريكا وايران وجميع التواجد الأجنبي وضد الفساد والأحزاب المتحاصصة … بل سيكون انقلاب اميركي بوجوه عسكرية عراقية تم أختيارها بعناية !!.
———
٥- إلحاقاً بالنقطة (٥) :-
ما يُشغل الولايات المتحدة هو شعورها بالفشل بأن ليس لها حلفاء شيعة أقوياء بشكل خاص ، وليس لديها حلفاءعراقيين بشكل عام لديهم قوة تفوق حلفاءايران !!.
بالتالي :-
هي تريد تأسيس قاعدة حلفاء أقوياء في العراق يمهد لهم الانقلاب العسكري الاميركي بدعامة عراقية يشرف على (هندسة مشهد سياسي جديد في العراق) يكون فيه حلفاء أمريكا هو الأقوى وهم أصحاب القرار
مع عدم طرد ايران نهائيا ولكن عليها اختيار حلفاء جُدد ولمساحة جديدة لن ولن ولن تكون بحجم وتأثير المساحة السابقة بحيث لن تتكرر هيمنة وتأثير أحزاب الاسلام السياسي وحلفاء ايران !!.
الى اللقاء ان شاء الله في تحليل جديد
سمير عبيد
١٠ يناير ٢٠٢٠

