•إيران تتلاعب بالزمن ..وامريكا يخنقها الزمن ..وحكومة العراق لا يعنيها الزمن !!.
•أمريكا تتقهقر في العراق بسلاح جديد !!.
بقلم :- سمير عبيد
العراق باتَ حلبة صراع :-
جميعنا كمحللين ومختصين نعرف أن النظام السياسي في العراق ثَبُتَ بأنه لم يستعد لأي تحدي وطارىء. وكان يتصرف كتصرف الأنسان الفقير والمعدم والذي يفكر بسد رمقه ليبقى حياً لليوم التالي!. فلم يستعد العراق بأي أستراتيجية تُذكر للدفاع عن العراق والشعب العراقي والمصالح العراقية … والدليل تحول العراق ومباشرة الى حلبة صراع بين إيران من جهة، وبين امريكا واسرائيل ودوّل خليجية وبريطانيا من جهة أخرى.بحيث لم يعد للحكومة العراقية والنظام السياسي في العراق أي دور يُذكر. فباتَ العراق مجرد حلبة صراع، وبات الشعب العراقي مجرد جمهور يتفرج على المنازلة. وليس فقط ذلك بل بات الشعب العراقي يُستنزف أقتصاديا ونفسيا ووطنيا. بحيث وصل الأذى للناس التي باتت تفقد ابنائها قتلا واغتيالا وخطفاً وتغييباً وتجريحاً ..الخ في معركة ليس معركتهم. بل سرقت امريكا آلام ورفض الناس للفساد والفاسدين والفاشلين فأستغلت تظاهراتهم السلمية لتحولها الى سلاح لصالحها ضد ايران من داخل العراق !!.
——————-
فمن الناحية القانونية باتَ يحق للعراقيين تقديم شكوى الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لحمايتهم بعد تقاعس وفشل النظام السياسي الحاكم من توفير الأمن والأمان للشعب العراقي، وفشل النظام السياسي بحماية بلدهم العراق !!.
—————
اختاروا لبنان والعراق لمنازلة ايران ….ولكن !!.
الحقيقة التي يغطون عليها هي أن أمريكا وحلفائها أختاروا العراق للمنازلة مع إيران بعد فشلهم وجبنهم من منازلة إيران بشكل مباشر. وهذا قدر العراق. لأنه ليس لديه ساسة وقادة وطنيين يدافعون عنه ويمنعون امريكا والخليج واسرائيل من تحويل العراق حلبة صراع لمنازلتهم مع ايران . !!!.
ومن هنا تم أختيار لبنان والعراق معاً لمنازلة ايران بعد الأندساس في المظاهرات العراقية واللبنانية. وهي المظاهرات الشعبية السلمية التي بدأت من أجل أسترداد الحقوق المسلوبة، وتأمين المستقبل، والعدالة الأجتماعية وفرض الحكم الرشيد. وبما أن في لبنان هناك (مايسترو شيعي ، ومايسترو مسيحي ، ومايسترو سني ، ومايستروا درزي ) فلم تمضي المظاهرات في لبنان للعنف والحرق ونزول عصابات ملثمة ولا خطف وقتل واغتيال ( نعم ..حدثت حالات فردية وتم ايقافها ) لأن هناك ضوابط وكوابح يُسيطر عليها المايسترو المتعدد !!.
أما في العراق فالقضية مختلفة حيث لا يوجد مايسترو مسموع ومؤثر الا المرجعية الشيعية. وايضا تمرد كثيرون على المرجعية ومن جميع الجهات (الأحزاب ، والكتل ، والشارع ، والمتظاهرين ،وغيرهم ) وشعرت المرجعية بذلك ، وأعلنت في خطبتها بتاريخ ٢٧ ديسمبر ٢٠١٩ أن لا أحد يسمع العقلاء والحكماء في العراق وتعني بالعقلاء والحكماء ( المرجعية والمرجع) وان سمعوا لا يطبقون نصح العقلاء والحكماء ( وهذا ماكان يحذر منه سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله للمقربين منه طيلة السنوات الماضية عندما كانوا يلحون عليه أن يعطي فتوى ضد المحتل، وفتوى ضد بقاء المحتل، وفتوى ضد تواجد قواعد المحتل في العراق… لأنه كان يعلم أن هناك كم كبير لن يُطبق الفتوى ، وسوف تكون كارثة على المرجع والمرجعية!!. )
ففي العراق لا يوجد مايسترو شيعي مسموع مثل المايسترو الشيعي في لبنان ، ولا يوجد مايسترو سني مسموع ، ولا مايسترو كردي مسموع . بل في العراق فوضى شيعية، وفوضى سنية، وفرقة كردية كردية ، والكل مشتت مع غياب الضابط. ونكرر ليس في العراق ضابط الا المرجعية وأيضاً ملأوا قلبها قيحاً فنأت بنفسها قليلا!.
——
من هو الرأس الذي يريدونه في العراق !؟
١- جميعنا نعرف وضمن سياق المقال والتحليل أن حربهم بدأت في لبنان لأصطياد( حزب الله) والمقصودة ايران. ولكن لهذا الحزب قوته وتماسكه وخبرته الطويلة جدا في المنازلات والمحن ،وله علاقاته السياسية القوية مع حلفائه اللبنانيين، ولديه وحدة القرار، ناهيك أنه يمتلك عناصر القوة والمناورة السياسية والعسكرية والأمنية، ويمتلك ادوات التأثير المباشرة سياسيا وامنيا وعسكريا على الأمن القومي الاسرائيلي.فهو قادر أن يسلب نوم وراحة الأسرائيليين متى ما قرر ذلك !!
ولهذا سارعوا الى حلحلة الأزمة في لبنان من خلال اختيار مرشح صديق لحزب الله ومعروف لواشنطن ولَم تعاديه السعودية ليعبر المِحنة سياسيا، وباتوا يراهنون على الحرب الاقتصادية هناك من خلال هبوط سعر الليرة اللبنانية !!.وهنا يمكننا الأشارة أن واشنطن وحلفائها الخليجيين خسروا المنازلة ضد ايران في لبنان… وان أي مباغته سوف يكون الخاسر اسرائيل من جهة حزب الله !.
٢- في العراق بات واضحاً أن المنازلة الأميركية الخليجية الأسرائيلية ضد إيران في العراق غايتها أستهداف ( رأس الحشد الشعبي ) !!.
وبما أن (الحشد الشعبي) ليس لديه جغرافية موحدة ومغلقة و يسيطر عليها جغرافيا وعسكريا واقتصاديا وامنيا مثل حزب الله ، وليس لديه خبرة سياسية وتفاوضية كالخبرة التي عند حزب الله اللبناني،وليس لديه علاقات متينة مع الأفرقاء السياسيين في العراق مثلما لدى حزب الله في لبنان ، وليس لديه عدو مباشر يُغيّر الموازين ويُخيف أمريكا واوربا مثلما لدى حزب الله وهو العدو الإسرائيلي ، وليس للحشد جماهير ضخمة جدا ومن جميع الطبقات تدافع عنه مثلما موجود لدى حزب الله !!!.
ماذا فعل الحشد ليبقى رأسه سالماً !؟
عرفت قيادة الحشد الشعبي وفروعه وكذلك عرفت إيران نفسها بأن المعركة في العراق هي لقطف رأس الحشد فسارع الحشديون الى وضع أستراتيجية أسمها ( أستراتيجية أقصى أنواع الأمتصاص) ..من خلال :-
١- تمكن الحشد من إيجاد هدف ذهبي بالنسبة له و يُخيف من خلاله أمريكا ويجعلها تعيد حسابتها وهو ( القواعد الأميركية ) في العراق والسفارة الأميركية في بغداد !!.ولهذا سارعت واشنطن تقليل عدد الدبلوماسين والموظفين الى الثلث !.
٢- أتبع الحشد سياسة الصبر الحديدية بعدم الرد ، وعدم الوقوع في الأفخاخ الأميركية و الإسرائيلية ومهما كان الألم ،وكذلك مهما كان الأغراء…. .
•بحيث عندما أضعفوا حكومة عبد المهدي وشيطنوا القوات الأمنية من خلال استراتيجية أعلامية ومطابخ أعلامية هوليودية من خلال ( أستراتيجية اميركية واسرائيلية أسمها الإيهام و الوقوع في الوهم وتصديقه !!) وغايتهم أغراء الحشد الشعبي ليملأ الفراغ فينقضون عليه …
•وعندما لم ينجر الحشد سارعوا الى خطة أعمق وهي اسقاط حكومة عبد المهدي واسقاط رموز من المؤسسة العسكرية ونشر العنف بين المتظاهرين وانتشار حرق المقرات الحزبية والمؤسسات وإغلاق المدارس ودوائر الدولة فلم ينجر الحشد ايضا نحو الفخ اَي لم ينزل الحشد للشارع ….
•ذهبوا بعد ذلك لسيناريو احراق المرشحين وادخال العراق بالفراغ الدستوري ونشر الفوضى التي توجها الرئيس برهم صالح والاصرار على رفض مرشح البناء وشق النظام السياسي طوليا والجبهة الشيعية طوليا وكذلك لم يبرز الحشد نحو الساحة والشارع ….
هنا باتت واشنطن واسرائيل عاجزتين بالفعل من أصطياد الحشد الشعبي الذي لازال بعيدا .بحيث ذهب الحشد وكأن الموضوع لا يعنيه ذهب ليُنازل بقايا تنظيم داعش الارهابي في الجزيرة والحضر وشمال ديالى وغيرها ..وادخل فروعه في بغداد والمحافظات في حالة إنذار قصوى !!. ….
“”بحيث وقبل أيام قليلة قال رئيس الاركان الإسرائيلي وأمام مؤتمر للأمن والدفاع في إسرائيل بأن ليس أمام إسرائيل الا استهداف الحشد الشعبي في العراق مباشرة وطبعا بحجة منع التموضع الايراني حسب قوله وهذا بحد ذاته دليل يأس .ودليل أن أستراتيجية الأمتصاص وعدم النزول للشارع والميدان من قبل الحشد حيرات اسرائيل وامريكا !!.
——
الإيرانيون والأميركيون ولعبة الوقت !!.
تعيش أدارة الرئيس ترامب أزمات ومشاكل متصاعدة داخلية وخارجية .ولكن القضية التي أربكت ترامب أكثر هي قضية الوقت. لأن هناك أستحقاق الحملة الأنتخابية في أمريكا والتي يُفترض أن يتفرغ لها ترامب قريبا لا سيما وان خصمه في الأنتخابات ( حو بايدن) بات يسجل نقاط كثيرة على الرئيس ترامب .
والواضح أن الرئيس ترامب بات عاجزا من تسجيل انتصارات في السياسة الخارجية لكي يُغطّي بها على المشاكل الداخلية التي تطوقه، ولكي يذهب للمعركة الانتخابية وهو قوي !!.
فالنتيجة أن الإيرانيين باتوا يكسبون المنازلة نفسيا ومعنويا ضد الولايات المتحدة وإدارة ترامب. والسبب لأن الإيرانيين خبراء فوق العادة في النفس الطويل وفِي استخدام الوقت كورقة أستراتيجية في سياستهم الخارجية.وهذا يعني أن المايسترو الإيراني عوّد ودرَب حلفائه في العراق ولبنان والمنطقة على أقصى درجات الصبر. وأقصى درجات الحذر. وأقصى درجات الذكاء في أستخدام الوقت والتلاعب فيه …
•فترامب بات يحاصره الوقت والمرشد الايراني بات مرتاحا من الوقت !!.
والسؤال الإستراتيجي :-
١ -هل سيُغامر ترامب في العراق أم سيُهادن !؟
٢ – هل ستتحرك الولايات المتحدة لدعم أدوات عراقية باتت جاهزة لتأخذ زمام الأمور وبغطاء أميركي لتغيير المشهد في العراق وبطريقة سريعة !؟
٣- أم ستتجه واشنطن وحلفائها نحو الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبعض الأدوات ليكون هناك غطاء أممي لتغيير المشهد في العراق !؟
وأيضا :-
هل سيشترك الحشد الشعبي بالضد !؟
الجواب :- سيشترك الحشد في حالة قررت واشنطن المغامرة عسكريا حينها ستجد الحشد ضدها …
أما عندما تكون المعالجات أممية أو من خلال معالجات عراقية مدعومة أميركيا لتغيير المشهد فالحشد هنا لن يتهور، بل سوف يكون حزء من المشهد الجديد. ومثلما فعل حزب الله قبل سنوات وعندما قرر الدخول في المشهد السياسي اللبناني !!.
لننتظر :-
فهل ستغامر واشنطن بمشروعها في العراق بأدوات عراقية وأعلان حكومة طوارىء بغطاء أممي وهندسة أميركية !؟
الخلاصة :-
وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )أنفال ٣٠
ملاحظة :-تحليل مهني محايد للأحداث فلسنا طرفاً ضد آخر ..
سمير عبيد
٢٨ديسمبر ٢٠١٩