Menu
in

بين حاضر اعتم وماض مشرق

إذا ذهبت القيم. ..ذهبت معها كل المعاني السامية لمفاصل الحياة…كذلك عندما تقارن حاضرك وماضيك ترى الفارق بعيد، فقد كان الماضي يحمل وبالفطرة كل تلك الصفات الحقيقية لمعنى الإنسانية ومعنى القيم التي يحملها بمفهومها الجميل والرائع…

كل شيء كان في ذلك الوقت له حساب حتى في مأكلك ومشربك، ملبسك ونومك ويقظتك، لذلك كانت حياتنا وعلى الرغم من بساطتها وفطرتها إلا إنها منظمة يسودها الهدوء والمتعة وراحة البال. فقد كانت إمي ترغمنا على النوم  في الثامنة وعلينا النهوض باكراً كي نذهب إلى مدارسنا بجد ونشاط. أبي كان يفرض علينا طاعته كما كانت إمي لها شخصيتها وسلطتها في المنزل كان جلوسنا حول مائدة الطعام يحمل معنى آخر لذلك لقمتنا ناكلها هنيئة ممتعة، نبدأها بالبسملة وتنتهي بالحمد. قانونا لا يجب التكلم ومداولة الحديث احتراما لنعم الله علينا. عندما يتكلم الأب نصغي وعندما تتكلم الأم نطيع تعلمنا منهما قاعدة ثابتة هي احترام الكبير والعطف على الصغير وحب لأخيك كما تحب لنفسك، أعمل خيرا تلقى خيرا، زرعوا فينا كل تعاليم الدين الحنيف ووضعوا لنا طريقا نسلكه ليكون لنا مبدئا منهم نسير عليه في حياتنا كي ننتفع به وننفع الآخرين. ..مدرستنا بيتنا الثاني ومعلمينا مربينا اللذين علمونا معنى تلك الأخلاق ليس فقط منهجا بل كان تدريبا تربويا بكل ماله من معنى.

علمونا أن ننتظر كل أسبوع رفعة العلم وأداء التحية والنشيد الوطني زرعوا فينا حب الوطن والأرض وأهلونا لدرس المطالعة وغذونا حب الكتاب ليكون لنا خير جليس، وفهمنا معنى التصافح والصداقة ليكون لنا إخوة رفقاء في الطريق ومن درس الأسرية كان طريق البنت لتكون سيدة ومدبرة في بيتها ومجتمعها. .

هكذا كان ماضينا وهذه قيمنا التي عشنا فيها بسلام ومحبة، ماذا حدث اليوم كيف فقدنا كل تلك المبادئ وبدأت تتلاشى شيئا فشيئا. ذهب الاحترام وأتت المكابرة ذهب المبدأ وأتت الحداثة وذهب رد الجميل وأتى نكران الذات.. ترى أين الخلل؟ وما هي الأسباب؟ ..لماذا بدأت الأيام تتسارع أكثر من ذي قبل كلها تساؤلات مشروعة لفهم ما يدور. .يأتي اليوم دون أن نحصد ثمار معلنا فيه ليست لنا أهداف نتأملها وننتظرها كي تتحقق فقدنا طريقنا المنشود وبدا لنا الأمل ضعيف بل وبعيد المنال. .هل هذا الحاضر الذي كنا نرجوه منذ نعومة اظفارنا إذن أي غد نرجوه اذا كان حاضرنا مشتل كسيح. .وما هي أوجه المقارنة لذلك الرأي للقارئ.

سندس الكوفي

Leave a Reply