امريكا تتقهقر …والمعسكر الشرقي يتبختر !.
بقلم :- سمير عبيد
نظرة سريعة على السياسة الاميركية أخيرا :-
باتَ التقهقر الأميركي في السياسات الخارجية الأميركية يتوضح رويدًا رويدًا. أي باتت الولايات المتحدة تُقلص من مخالبها في العالم ،وبدأت بالفعل باغلاق كثير من القواعد الأميركية في منطقتنا وفي العالم ، وبدأت واشنطن بالفعل بسحب القوات الاميركية من افغانستان وألمانيا ومناطق اخرى من العالم .وباتت منهمكة لأيجاد طريقة مثلى وجدولة لأنسحاب القوات الأميركية من العراق!! .ويعود هذا لأسباب كثيرة ومهمة ومنها :-
١- لسوء الادارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب الذي أتسم أسلوبه بالتعالي والغطرسة والعدوانية مع قادة وحكومات العالم بدلًا من الدبلوماسية ولعبة المصالح فتولدت جبهة عالمية رافضة لسياسات هذا الرئيس الذي فشل في السياسة ونجح بالابتزاز وتجويع الشعوب .
٢-وكذلك بسبب التداعيات الاقتصادية بسبب جائحة كورونا التي ضربت الاقتصاد الأميركي بقوة وبَخرَت إنجازات الرئيس ترامب التي كان يتباهى بها وهي
فتح أسواق العمل للأميركيين. فعاد الأميركيون للبطالة وبات عدد المسجلين حوالي ٤٣ مليون أميركي وهم يطالبون بالاعانة من الدولة ناهيك عن إغلاق وإفلاس الشركات الكبرى والتداعيات اللونية الداخلية التي بدأت ولا يُعرف متى تنتهي .
٣- وكذلك بسبب الثغرات الكثيرة داخل ادارة ترامب نفسها من حيث سوء الأنسجام في فريق الادارة الذي ولّد سلسلة من الاستقالات والعداوات والتي ولد من رحمها كتاب مستشار الامن القومي السابق جون بولتون الذي فضح شخصية وتصرفات وعنجهية وغباء سياسات الرئيس ترامب وفي توقيت قاتل لحملة الرئيس الانتخابية .
٤- سوء أدارة وسياسة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي ماهو الى حاجب ينفذ هفوات ترامب دون نقاش ..والذي قال عنه الكاتب والمحلل السياسي الأميركي المعروف توماس فريدمان ( أن وزير الخارجية بومبيو هو أسوأ وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة ) وبسببه حدثت فجوات كارثية حسب قوله !.
٥- انعدام انسجام الرئيس ترامب مع رموز فريق ادارته وتوضح هذا من خلال تصرف وزير الدفاع الأميركي إسير مع الرئيس ترامب اخيرا بحيث رفض الوزير تنفيذ أمر الرئيس ترامب بنزول القوات العسكرية الأميركية لحماية البيت الابيض وقمع المتظاهرين السود ومن معهم من البيض !!.
٦- سوء علاقة الرئيس ترامب مع رئيسة الكونغرس الأميركي السيدة بيلوسي ومع الديموقراطيين بصورة عامة سبّبَ للرئيس ضغطا نفسيا هائلا.. وكذلك سوء علاقة الرئيس ترامب مع وسائل الاعلام الاميركية المهمة ورموزها أزاد في عزلة الرئيس فزاد في كشف عورات وتصرفات وسياسات الرئيس ترامب بحيث ذهب الرئيس ترامب ليصبح عدوانيا أكثر من اللازم ضد الصين وايران ودول ومنظمات كثيرة وفي توقيتات خطيرة مما زاد في العزلة الدولية الصامتة ضد أمريكا دوليا!.
٧- التداعيات العائلية داخل أسرة ترامب نفسها باتت تتصاعد ويتوقع الخبراء حصول مفاجآت مدوية في هذا الملف مما جعل الرئيس ترامب غير مستقر ذهنيًا ونفسيًا!.
٨- تمرد المستشارة الألمانية ميركل على الرئيس ترامب عندما رفضت حضور قمة 7G المقرر عقدها في الولايات المتحدة في شهر سبتمبر / أيلول المقبل والتي جاءت صدمة عنيفة له تزامنا مع سفر السفير الاميركي في المانيا الى واشنطن غاضبا من المضي في أنجاز خط الغاز الروسي نحو المانيا … وان سحب القوات الاميركية من المانيا جاء رد تأديبي لألمانيا من ترامب ولكن المستشارة لم تكترث خصوصا وهي التي أصبحت رئيسة للأتحاد الأوربي منذ اول أمس وهي التي ستضع سياسات الاتحاد الأوربي للسنوات المقبلة !!.
الفرصة الذهبية للصين ومحورها :-
وكل ماتقدم جاء فرص ذهبية الى المعسكر الشرقي بقيادة الصين تقريبا .و الذي تبلور أخيرا وبات كجبهة واحدة والمتمثل ب ( الصين ، روسيا ، إيران ، كوريا الشمالية ، وجبهة الممانعة والمقاومة// واحتمال كبير أنضمام تركيا لها ) ….بحيث ذهبت هذه الدول لتقوية علاقاتها فيما بينها من جهة، ومن الجهة الأخرى باشرت بترتيب نفسها والشروع بالتحدي للولايات المتحدة ولحلفائها !.
١- فصارَ واضحاً للعالم أن الصين :-
تتقدم وبخطوات واثقة نحو قيادة العالم وعلى حساب الولايات المتحدة التي بدأت بالتراجع فالصين جذبت دول المحور الشرقي لها وجذبت مئات الملايين من الشعوب نحوها بسبب مواقفها مع الدول والشعوب ضد جائحة كورونا .والصين أوقفت الهند أخيرا عند حدها عسكريا عندما تقدمت الهند بدعم اميركي نحو الحدود الصينية الهندية لبناء منشآت ومجسات عسكرية واستخبارية ولأعاقة الصين من تدشين خطوط امداد وطرق استراتيجية عبر باكستان نحو العالم. . والهند تحركت بدعم قوي وخفي من الولايات المتحدة فحدثت صدامات عسكرية ربحها الجانب الصيني على حساب الجانب الهندي !.
وذهبت الصين لتوجه ضربة سياسية وأمنية لتعلن قانون ( الامن القومي الصيني ) على مقاطعة هونغ كونغ التي تعتبرها الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب المخلب المتقدم لها ضد الصين ….وفي جبهة تايوان باتت تستعد الصين لتكون جبهتها الاستراتيحية رقم واحد للمنازلة مع امريكا وابتلاع قاعدة غوام الأميركية هناك ولقد اعترف الباحثون الاستراتيجيون في الولايات المتحدة بأن الصين سوف تربح المعركة في تايوان وسوف تخسرها الولايات المتحدة وحينها سوف تتسيد الصين قائدا للعالم.
٢- وروسيا هي الاخرى سجلت تقدما مذهلا في المستوى السياسي والعسكري والاستخباري والاستراتيجي. فلقد نجحت روسيا من توسيع اسواقها العالمية لبيع الأسلحة والصواريخ والطائرات.وذهبت لتنهي المسافة المتبقية من خط أنبوب الغاز (نورد ستريم )الممتد من روسيا وتحت مياه بحر البلطيق الى المانيا . وخط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من مدينة فيبورغ في روسيا إلى مدينة غرايفسفالد في ألمانيا والذي بسببه ساءت العلاقة بين الرئيس ترامب من جهة وبين المستشارة الألمانية ميركل بحيب ساءت العلاقة بين المانيا والولايات المتحدة بسبب ذلك ولكن بقيت المانيا متمسكة بالمشروع وبالفعل سارعت قبل أسابيع روسيا لتكمل ما تبقى من المشروع بتوسعته الاخيرة .
وبعد سوريا التي فرضت روسيا نفسها فيها كلاعب رئيسي وبنت لها قواعد بحرية وجوية عسكرية هناك وبالتنسيق مع ايران .. ذهبت روسيا وبخلسة لتصبح لاعباً رئيسياً في الملف الليبي وسط ذهول العالم وصدمة الولايات المتحدة التي باتت تترنح أستراتيجيا !. واخرها الاستفتاء لصالح بقاء الرئيس الروسي حتى ٢٠٣٦ /سنكتب عن هذا لاحقاً !!.
٣- كوريا الشمالية كشرت عن أنيابها فأعلنت القيادة الكورية الشمالية ايقاف اللقاءات والحوارات مع الولايات المتحدة بل هددت برد صاروخي مزلزل لها .وذهبت لتدمر مركز الاتصال والحوار بين كوريا الشمالية من جهة وكوريا الجنوبية من جهة أخرى والأخيرة حليفة للولايات المتحدة. وقامت بازالة الأشجار والغابات والعوائق قرب الحدود بين الكوريتين ونشر القوات الكورية الشمالية فيها .ناهيك عن الشتائم والوعيد من أسرة الزعيم الكوري الشمالي ضد حكومة كوريا الجنوبية بسبب حملات إعلامية وأشاعات ضد أسرة وزوجة الرئيس الشمالي استغلها لتقوية المحور الشرقي !.
٤- ايران من جهتها وبتنسيق على ما يبدو مع روسيا والصين تقدمت بقوة فأطلقت قمرًا صناعيًا ناقلا للصور من فوق امريكا واسرائيل .وتقدمت فكسرت الحصار عن نفسها وعن فنزويلا بحريا .واعلنت اخيرا عن صناعة أسلحة جديدة في مجال الطيران والصواريخ..ونجحت بفرض طوق امني قوي حول مضيق هرمز !.
والاهم هو تغيير أستراتيحياتها بعد اغتيال الجنرال ” سليماني ” من قبل الولايات المتحدة وهي تغيير سياسة دعم الحلفاء أفرادًا وجماعات الى تأسيس القواعد العسكرية على الأرض . فإيران باتت غير معنية ب ٨٠٪ من الحلفاء في العراق والمنطقة. والإبقاء على تحالف مع ٢٠٪ من الشخصيات والجماعات والفصائل المنضبطة والتي لم تحترق صورتها بالفساد والاستغلال والانفلات وانتهاك حقوق الانسان .. وباشرت بالفعل بتأسيس الاستراتيجية الجديدة فأسست قاعدة أستراتيجية ( عسكرية ولوجستية) في دير الزور حيث منطقة ال بو كمال المحاذية للحدود العراقية / السورية وامام أنظار الولايات المتحدة التي باتت عاجزة عن فعل شيء . بحيث ايران طردت حتى الدوريات الروسية هناك لتقابل التقدم التركي في سوريا وليبيا واخيرا في العراق والذي هو مؤشر لعالم ما بعد جائحة كورونا !!.
••الى اللقاء في مقال متصل ..ان بقي من العمر بقية !.
سمير عبيد
٢ تموز ٢٠٢٠