محمد ناصر
بين طهران والرياض يسعى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لاعادة صياغة مشهد العلاقات الخارجية للعراق بما يشكل بعد ستراتيجي جديد ويبدو ان السيد الكاظمي مؤمن جدا بنهج الاعتدال وصناعة التوازن في ملف علاقات العراق مع دول الجوار حيث ينتظر الفرقاء في الداخل من الاحزاب والقوى السياسية الممثلة داخل قبة البرلمان والسلطة التنفيذية كيفية ادارة ملف العلاقة مع ايران والسعودية فيما ينتظر فريق آخر من العراقيين يمثلون القاعدة الشعبية الاوسع في كيفية الخلاص من شرنقة الاستقطاب الطائفي والنأي بالنفس عن جدلية المواقف الامريكية والايرانية والسعودية في هذه المساحة القلقة من المشهد السياسي الذي يطغى عليه مشهد الخصام والتوتر .. والسؤال الاهم هو هل يتمكن الكاظمي من اقناع جيران العراق بان الحوار هو السبيل الامثل لجلب الاستقرار والامن للمنطقة برمتها ..؟ وفي نظرة فاحصة لسطور البيان من الجانب العراقي والسعودي بشان تاجيل زيارة الكاظمي الى المملكة العربية السعودية سنجد ان حرصا سعوديا على اتمام النهج الجديد الذي اتخذته العائلة السعودية الحاكمة في التعامل مع ملف العراق والمضي قدما بسياسة الانفتاح معه واستثمار حالة الغليان الشعبي والسخط في العراق تجاه الاداء السياسي لمجموعة الاحزاب المؤيدة لايران ومحاولة تقديم حزمة جديدة من المساعدات الاقتصادية للحكومة العراقية الجديدة بهدف كسب التعاطف والتاييد للنهج السعودي ، سوف يبحث الجانب الاقتصادي وهو الاهم في الزيارة المرتقبة للكاظمي الى السعودية ، وهنا فان الايرانيين يركزون ايضا على هذا الجانب ، ليتم انطلاق أهداف وغايات اخرى تتمثل برؤية ايران للسوق العراقية واعتبارها المنقذ للاقتصاد الايراني في ظل العقوبات الامريكية والدولية على ايران وخلال تصريحاته في طهران لم يخشى السيد الكاظمي من مصارحة الايرانيين بضرورة بناء العلاقات بين البلدين على اساس المصالح المشتركة ورفض التبعية السياسية او الانخراط في تحالفات محورية تستهدف دول اخرى بما فيها ايران وهو ما يؤكد حرص العراق على انتهاج سياسة معتدلة تاخذ بنظر الاعتبار قلق الحكومة العراقية تجاه تصاعد التوترات في المنطقة واحتمالات انعكاساتها على الداخل العراقي ، ان الحديث عن رغبة العراق بلعب دور الوسيط في التجاذبات بين ايران وكل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية فنعتقد انه حديث سابق لاوانه مالم يتم اولا ترتيب العلاقات بين العراق والسعودية فالعلاقات بين البلدين لاتزال تدور في مساحات جس النبض و مجلس التنسيق السعودي العراقي امامه شوط طويل كي يضع اعماله ومنجزاته ومشاريعه على السكة الصحيحة ولربما سيكون ملف تزويد العراق بالطاقة الكهربائية من دول مجلس التعاون الخليجي هو الاختبار العملي الاول لنوايا تطوير العلاقات مع العراق والتجسيد الحقيقي للانتقال من الاقوال الى الافعال ويبدو ان الايرانيين يدركون جيدا الخطوة الامريكية الاستباقية بدعوة العراق للانخراط في الاجتماعات المشتركة المتعلقة بالربط الكهربائي مع دول الخليج حيث سارعوا للاعلان عن حزمة من الاتفاقات لتزويد العراق بالطاقة الكهربائية ومحاولة سحب البساط من المبادرة والدعوة الامريكية وفي كل الأحوال ستبقى نتائج زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى ايران محكومة بما سياتي في الايام المقبلة من رود افعال سعودية عليها ، لايختلف اثنان في القول ان هذا التنافس بين الايرانيين والسعوديبن هو امتحان كبير تتكشف فيه قدرات الكاظمي على التعاطي معه بشكل ايجابي وبما يخدم العراق ويجنبه خسارات اقتصادية وامنية وسياسية جديدة ومن المهم القول هنا ان ااشعب العراقي يصطف مع السيد الكاظمي في انتهاج سياسة متوازنة تنأى بالبلاد عن اي توترات بين جيرانه وسياسة جديدة تعطي الاولية للمصالح الاقتصادية العراقية بما يحقق مكاسب تُمَكّنْ العراقيين من اجتياز هذه المرحلة الحرجة .