اسم الكتاب : الكشكول – 3 اجزاء
المؤلف : المرحوم الحاج احمد مصطفى ابو المكائن
تقديم : آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي قده
جمع واعداد: الحاج جاسم ابو المكائن واخوته
- يكشف الكشكول عن سعة قراءات صاحبه في موسوعات التفسير وعلوم القرآن والأخلاق والعرفان والتاريخ والأدب والسيرة
- لُقب المؤلف بـ (فقيه الكسبة) (احمد سنجر) و (مهندس العراق) ..
قلب صفحاته:حيدر حميد الكريطي
مازالت تحظى كتب (الكشاكيل) اهمية معرفية لما تحمله من متعة تبعد القارئ عن هموم أثقال الحياة،لتزوده بالعلم النافع، والفائدة الأدبية، والنادرة الجميلة في مختلف العلوم شعرا ونثرا..
و“الكشكول لفظة فارسية: تعني حراب المتسولين يضعونه على رقبتهم، ويصنعون منه ما يوصلون عليه من طعام للناس”.وقد ورد في المنجد في اللغة والأعلام تعريف الكشكول بالآتي:
الكشكول والكشكولة: وعاء المتسول يجمع فيه رزقه (والكلمتان راقيتان) وبه سمي كتاب “الكشكول لبهاء الدين العاملي لأنه جمع أشياء كثيرة مختلفة المواضيع”. (المنجد في اللغة والأعلام ص 687، الطبعة الثالثة والأربعون، 2008)فإذا كان الكشكول صار يحمل أشياء كثيرة ومتعددة، ومن هنا سمى العلماء الكتب التي جمعوا فيها موضوعات مختلفة الفن ولأغراض من فوائد أدبية متفرقة، ونوادر مختلف الفنون، واختيارات شتى شعرا ونثرا، صار الكشكول وعاء والوعاء كشكولا.
ولعل أول كشكول وصل هو أنيس المسافر وجليس الحاضر وهو كتاب عظيم اشتهر بكتاب الكشكول للشيخ يوسف البحراني “طبع طبعة واحدة في بمومبي عام 1291” (حسب ما يذكر محمد الحسين الأعلمي في مفتتح كتاب الكشكول للشيخ يوسف البحراني ج1/د ـ مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران)
ألف في مصر كشكولا لبهاء الدين العاملي، عرف فيما بعد بكشكول العاملي وكان الحاوي بصدد حديثه عن العاملي: “ودخل مصر وألف كتابا سمى الكشكول جمع فيه نوادر من علوم شتى”. ثم توالت التأليفات في هذا البحر ومختلف الفنون والعلوم من مثل الكشكول الطائر، وكشكول الحب، والكشكول العقائدي، والكشكول المسلي، والكشكول المفيد، والكشكول في الزواج وقضاياه، وكشكول الإحسائي، والكشكول الأول، والثاني والثالث. والكشكول النسائي وغير ذلك.
وفي تلك الكشاكيل معرفة جمة في الفروع والأصول، وفي شتى الفنون والعلوم وهي أشبه بمعارض الكتب الحديثة التي تعرض بكافة تخصصاتها والفنون.
و الكشكول الذي بين أيدينا من تاليف المرحوم الحاج أحمد مصطفى أبو المكائن وقدم له آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي (قده) ومن إعداد الحاج جاسم ابو المكائن واخوته..
يقول الشيخ الاصفي (قده) في مقدمته: ((وأما الكتاب الذي سماه الشيخ احمد (رحمه الله) بـــ(الكشكول ) فهو مجموعة قيمة منتقاة من قراءات المؤلف رحمه الله في كتب التفسير والأخلاق والعرفان والحكمة والتاريخ والأدب… انتقاها واقتطفها رحمه الله خلال قراءته الواسعة في عمره الشريف من طرائف العلم والمعرفة.
وهو يكشف أولا عن سعة قراءات صاحبها في موسوعات التفسير وعلوم القرآن والأخلاق والعرفان والتاريخ والأدب والسيرة ، كما يكشف عن حسن انتقاء المؤلف واختياره فان انتقاء الإنسان واختياره جزء من عقله، فهو عالم واسع القراءة والإطلاع ذواقة في الاختيار والانتقاء ، اقتطف لنا من كل روضة باقة من الأزهار فواحة عطرة جمعها في هذه الإضبارة الجليلة التي تحتوي طرائف من العلم والمعرفة رحمه الله وتغمده الله برحمته. وقراءة هذه المجموعة تنفع الخطباء والفضلاء كثيرا في الإطلاع على هذه الطرف القرآنية والعلمية والأدبية والمعرفية واقتنائها الذي يتطلب تجميعها والإطلاع عليها من مصادرها زمنا طويلا وجهدا كثيرا جمعها ويسرها لهم الفقيد السعيد المؤلف رحمه الله. وجزى الله خلفه الصالح الحاج جاسم احمد مصطفى في اهتمامه بإحياء هذا الأثر الجليل لوالده ولولا همته وسعيه لطمر الزمان والنسيان هذه الموسوعة الجليلة ، كما طمر غيرها ، والحمد لله رب العلمين أولا وأخيرا.)).
ترجمة المؤلف
هو الشيخ الحاج احمد بن الشيخ مصطفى بن الشيخ ملا ابراهيم بن الملا اسحاق بن الشيخ عمران الابراهيمي ،وكان والده من معتمدي الشيخ احمد كاشف الغطاء بل كان يده اليمنى.
اما جده ملا ابراهيم من علماء الحوزة انذاك في عهد الشيخ مرتضى الانصاري(قده) ومن وكلائه المعتمدين ، وفي الوقت نفسه كان الملا ابراهيم يحسن لغاتٍ ثلاثة وهي :العربية والفارسية والتركية ، فطلب منه الشيخ السفر الى مدينة ( خوئين) من توابع محافظة زنجان في ايران ، فاستجاب الملا ابراهيم لطلب الشيخ وسافر الى زنجان ليكون وكيلاً له هناك واكمل بقية عمره حتى وافاه الاجل ودفن فيها.
ولد الحاج في مدينة النجف الاشرف وفي محلة المشراق عام 1328هـ الموافق عام 1907م ، تزوج من ذات الحسب والعلم المصونة بنت الشيخ (الملائي) الفاضل علي بن الشيخ حسين.
وقد تقلد الحاج أحمد زي (الكشيدة) بدل العمة والعقال بعد وفاة والده مباشرة, وهو زي معروف اشتهرت به مدن العراق المقدسة ،النجف – كربلاء – الكاظمية – سامراء،وقد اخذ ولده الحاج جاسم هذا الزي من بعده.
حياته الاجتماعية والتجارية:
ترعرع الحاج احمد في كنف والده في سنواته الخمس الاولى ، وبطلب من احد اخواله (اخو زوجة والده وليس خاله مباشرة ، وهو بمنزلة خاله) وهو الحاج محمد حسين الخياط وكان من المعروفين في هذه المهنة في الديوانية ،توجه معه الى الديوانية ليتعلم مهنة الخياط هناك، فبقي في هذه المدينة بحدود خمسة عشر سنة ، ورجع الى النجف وهو ابن العشرين سنة ،وتقريباً في سنة 1930م بوصية من ابيه وفي هذه السنة توفى والده بعد مرض عضال رافقه ولده الحاج احمد لمدة تسعة اشهر،ثم رجع ثانية الى الديوانية وامضى فيها حوالي سنة تقريباً لتصفيه اعماله هناك،اذ كان للحاج احمد علاقات تجارية عامة في المدينة من اعيان الديوانية وتجارها من امثال الحاج الشيخ جعفر الاسدي وغيرهم ، ومنها ترك مدينة الديوانية وعاد الى مدينته الام النجف الاشرف. الا ان عودته الى النجف عاد غريباً من الناحية التجارية ، الا ان علاقته مع العلماءعن طريق والده انذاك كان لها دوراً كبيراًفي تعريفه للناس ، وفي هذا الوقت تغيرت مهنته من خياط الى (تصليح مكائن الخياطة)،وكان محله انذاك في محلة البراق(عكد التجار المعروف بـ – عكد الحمير-)واستمر في هذا المكان يتنقل من محل لاخر ، فبقي يمارس المهنة في هذا (العكد) حوالي ثلاثة وسبعين سنة ، فاستمرت حياته التجارية الى تطورت علاقته التجارية ..
تطورعمله التجاري في بغداد من خلال معرفته ببعض التجار واتصالهم المباشر بالشركات الأجنبية مثل اليابانية ليبعثوا مكائن الخياطة لهم مباشرة ، فضلا عن عمله مع السيد علي الحسيني والسيد محمد تقي السبزواري وكيل شركة (هكسفارنه السويدية).
بعد ذلك فتحت فروع شركة سنجر في العراق وبالخصوص في العاصمة بغداد ومدينة الموصل ثم القضاء الثالثة هي النجف وكان من المرشحين لها للتوزيع في منطقة الفرات الاوسط والجنوب ما عدا البصرة الحاج احمد، وفي الوقت نفسه طلبت منه الشركة ان تناط له مهمة تصليح مكائن الشركة في النجف والمحافظات الجنوبية ، لهذا اطلق عليه لقب ( احمد سنجر)، وخلال عمله المتواصل معهم وخبرته فيه لقبوه بلقب اخر وهو (مهندس العراق) ، وبقي الحاج احمد متفانياً في خدمته لمهنته الى اخر حياته.
حياته العلمية:-
انطلق بحياته العلمية الاولى بعد وفاة والده (رحمه الله) وهو ابن العشرين من العمر، اذ كان لقائه الاول بالسيد علي اكبر الخوئي والد مرجع الطائفة الكبير السيد ابو القاسم الخوئي ، وذلك في مجلس الفاتحة انذاك ، فسأل السيد الجليل عن اولاد المرحوم الحاج مصطفى فأشاروا للسيد بالحاج احمد ، ومن هنا طلب السيد منه الحضور الى بيته ليتعرف عليه اكثر ،فوجد فيه نبوغاً والمعيةً ولابد له ان يدخل هذا السلك وبالفعل اصبحت العلاقة وطيدة فيما بينهما مع فارق العمر والعلمية ، ومن هنا اصبحت علاقته مع السيد الخوئي جيدة ، اذ كان يصغر السيد من العمر خمسة او ستة سنوات. فأنظم الحاج احمد الى المساجد والمدارس العلمية ليبتدأ بدراسة مقدمات الحوزة ، من الادب والمنطق والفقه، الى ان اكملها واصبح مهيئاً الى الدراسة العليا للفقه والاصول وهي ما يُعرف بابحاث (الخارج)، وكان اكثر الفقهاء الذين حضر لهم هو الشيخ اغا ضياء الدين العراقي(قده) وغيره ، لذلك اصبحت له علاقة حميمة مع العلماء من المدرسين والمؤلفين والمحققين ،.وفي فترة من الزمن انتدبه المرجع الكبير السيد الحكيم (قده) مع الشيخ اسد حيدر للتبليغ في المدن والقرى والمحافظات الاخرى في العراق ، الا ان وصية والده منعته من الخروج من النجف ، ومن هذا الباب عُرف الحاج احمد في النجف انه من الكسبة الذين يحضرون دروس العلماء وتتلمذوا على ايديهم الى جانب عمله الكسبي في السوق، وقد قال عنه المرجع السيد الحكيم (اما فقهاء الكسبة في النجف اثنان وهم الحاج احمد مصطفى ابوالمكائن ، والحاج الشيخ محمد المظفر الخياط)، لذلك فقد لُقب بـ (فقيه الكسبة)، ومن اعماله العلمية كان يمد يد العون لكثير من طلاب العلم ممن لايستطيعون شراء كتبهم ، فكان يردفهم بهذه المصادر الدراسيه ، وكان محباً للعلم ويحث على طلب العلم ، لذلك خرجت من حياته العلمية تلك مكتبة عامرة الا ان دودة الارضة جاءت على اغلبها ولم يسلم منها الا النزر اليسير منها.
حياته العرفانية :-
عاش مترجمنا حياة العرفان منذ البدايات الاولى لدخوله الحوزة ، واخذ يتابع المهتمين والمتخصصين بهذا المجال من العرفاء ويحضر دروسهم ، وفي مقدمتهم كان السيد علي القاضي ، الذي يحضر دروسه وياخذ نصائحه في هذا المجال ، لذلك كانت من اولى مهمات مترجمنا في هذا السلك هو تعلقه بالامام امير المؤمنين اذ لم يترك صلاة الصبح واعمالها ومستحباتها في ضريح الامام الى ان توفاه الاجل ، اذ كان يقول (فاكهتي هو حضوري عند مرقد الامام امير المؤمنين فجراً)، ولم يترك الليالي الخاصة في التوجه الى زيارة مراقد ائمتنا ،في ايام الاسبوع ولياليه في جامع السهلة ، وليلة الجمعة(يوم الخميس) في كربلاء المقدسة ،ومسجد الكوفة ، وغيرها ، اذ كانت لياليه تلك عامرة بالتهجد والذكر والسجود وقراءة القران والادعية والاعمال الاخرى.ولا ينسى المجتمع النجفي انذاك حضور مجلس بيت طبره لسماع صوت الحاج احمد وهو يقرأ ادعية شهر رمضان المبارك، وقد عُرف الحاج احمد بعرفانيته بشهادة عامة الناس له ومن الجانبين العلماء ،والكسبة
وفاته:-
توفي الحاج احمد في 13/محرم عام 1418هـ الموافق 20/ 5/ 1997م وقد بلغ من العمر التسعون عاماً بسبب المرض والشيخوخة.وقد حضر مجلس الفاتحة علماء ووجهاء وشيوخ النجف الاشرف ، وقد أبنّه المرحوم الخطيب الشيخ صالح الدجيلي في خطبة معلومة ممن حضر مجلس الفاتحة ،
آثاره :-
1- مجموعة : وهي مجموعة قصص سمعها ورواها من خلال حياته العلمية والاجتماعية.
2- الكشكول الصغير (الكشيكل): وقد سمّاه بهذه التسمية ليفرق بينه وبين هذا الكشكول الذي بين أيدينا.
3- الكشكول: ونستطيع أن نسميه الكبير لأنه أكبر ممن سبقه ، فقد كان مؤَلَفاً جامعاً مانعاً لرحلته تلك، وهو الذي بين يديك عزيزي القارئ ، إذ يعد مجموعة نادرة قيّمة جمعها من قراءاته رحمه الله من كتب علوم القران والتفسير والاخلاق والعرفان والتاريخ والادب والحكمة وغيرها، انتقاها من تلك القراءات ، ووضعها في هذه المجلدات التي بلغت اربعة ، موزعة في مجلداته الأربعة الاولى اذ جمع فيها النكات واللطائف والقصص الادبية والتاريخية والاشعار ، فضلا عن تجاربه الاجتماعية، اما الجزء الخامس فقد خصصه الحاج احمد للدعاء والاعمال العبادية فقط. علماً ان الحاج (رحمه الله) قد الف كشكولا اخر قبل هذا الكشكول ، الا ان الحاج فقده ، فاضطر الى كتابة هذا الكشكول.
لذلك جزى الله اولاده الكرام وبالخصوص الحاج جاسم في اخراج هذه المجوعة وطبعها واحيائها بعد ان كانت في طي النسيان ، لتضيف للمكتبة الاسلامية اثراً جليلا عالياً لينتفع منه الكبير والصغير.والحمد لله اولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.