وسام رشيد
مؤسسات ضخمة منذ سقوط النظام السابق عام 2003 الى محنة د1عش والاجتياح البربري للمناطق السنية تعمل بناء-كارزما- شخصيات تحمل سمات رئاسية بمكاتب ضخمة ومواكب طويلة لسيارات الدفع الرباعي، وأعداد غفيرة من الحمايات والمصورين، والأهم هو نشر عشرات الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي(الفيس بوك) تنقل أخبار لقاءات الرئيس مع القادة والزعماء السياسيين الآخرين والإتفاقات المكتوبة والشفهية على بذل مزيد من الجهود والوقت والتفكير مليّاً ببناء عراق مزدهر، ومحافظة أمينة تزخر بالعمل الجاد ويعيش فيها المواطن مُرفهاً دون تمايز ، والاهم إظهار تصريحات السادة الرؤساء على شاشات الفضائيات حول الوحدة الوطنية وتنفيذ برامج المصالحة الوطنية والتركيز على الخطاب المعتدل وغيرها من الشعارات التي لا لم يكلفوا أنفسهم العمل بموجبها ولو بالحد الأدني، وظلت مقتصرة على بعض المؤسسات – الاعلانية- التي تطبل وترسم صوراً كارتونية لرؤساء للرئيس في ذهن المواطن الذي سرعان ما وضعته تلك السياسات أمام قدر مواجهة مصيره لوحده أمام أعتى قوى الإرهاب في العالم.
تعرَّض جمهور المحافظات المحرَّرة الى أكبر عملية تضليل وخداع في تأريخ العراق، إذ ليس من الوارد أن تكون هناك شخصيات قيادية مؤتمنة على مصير أبناء تلك المحافظات وتأريخها ومستقبل مواطنيها فضلاً عن ثرواتها ومقدراتها الطبيعية وبناها التحتية وقدراتها السياسية ومصادر قوتها بالحكومة المركزية عبر ممثلين تلك المناطق، ثم لا يستطيعون الصمود أمام فلول د1عش أياماً معدودة، ليتركوهم وقدرهم المحتوم بين موت ونزوح، فذابت كل تلك القيادات ولم تتحمل مسؤليتها فسقطت أمام الرأي العام الشعبي في تلك المناطق كما سقطت شعاراتها في الحماية والبناء وتبين زيف ما يدعون.
زالت بعد هذا دوافع حكمهم أخلاقياً أمام المواطنين الذين دفعوا مرغمين فواتير أخطاء تلك الطبقة السياسية التي تحكم بتطبيق “الواتس اب” وما فتئت تمارس ذات الدور من عواصم الدول المجاورة وتذرف دموع التماسيح على أهلهم من سكان المحافظات المنكوبة، وزاد بعضهم في إستغلال الأزمة مرة أخرى بعد إستثماره الحكم لسنوات طويلة، فزادت مع ذلك معانات النازحين والمواطنين على حد سواء، ولم يتبقى أمامهم سوى مساحة من الأمل المعقود على أصحاب الضمائر الحيّة الذين حملوا هموم اهلهم مراراً ولم يتخلوا عن واجبهم الادبي والانساني والوطني وتصرفوا بمسؤولية مضاعفة وفكر بنّاء بدوافع مصلحة البلاد أولاً، والحفاظ على كيان الدولة ورمزيتها ووحدة شعبها.
بعد تلك المراحل من الدم والالم يبحث المواطن عن شخصيات سياسية برهنت ولائها أيام الأزمة، وحاولت أن تستثمر التناقضات بتلك الفترة لصالح المحافظات المنكوبة، وأبقت على هامش واسع من العلاقات مع باقي الكتل والتوجهات السياسية والفعاليات الإجتماعية والمرجعيات الدينية المحترمة بمختلف مناطق العراق، ووقفت موقفاً شجاعاً في تشخيص الأخطاء السابقة وتنكرت لها، تلك هي التي تتمتع الآن بهامش واسع من الإهتمام من مواطني تلك المحافظات، وصلت أن تتجول بين مناطقهم وشوارعهم ومضافات شيوخهم وحتى أسواقهم، دون التحسب لشعار يطلق أو كلمات تجرح، بل على العكس ترى المواطنين يتسابقون للحديث معهم كما يحدث دائما مع رئيس البرلمان العراقي، إذ تعد المساحة التي يتحرك بها بين المواطنين هي مقدار الرضا والقبول لنموذج من تلك الشخصيات التي كانت تبحث عن الرئاسة دون فتونها الذي يحولها الى شبح غير مسؤول.