تحقيق \ أمير البركاوي
من اجل توفير حياة كريمة لكل ابناء البلد بكل طوائفه وحماية وتامين الامن الغذائي للأجيال القادمة يجب ان نعمل على دعم وتشجيع الزراعة والحفاظ على المساحات والاراضي المزروعة لان اي خطر يهدد بتراجع نسبة الاراضي والبساتين المخصصة للزراعة فأنه يهدد بانهيار اقتصاد البلد بأكمله.
ومشاكل عدة يعاني منها قطاع الزراعة في العراق ومنها من ادت الى هجرة وترك الفلاح للاراضي الزراعية فالمشاكل كثيرة ومتفاقمة والحلول غائبة من اصحاب القرار نواجه اليوم ظاهرة في غاية الخطورة الا وهي تجريف البساتين والاراضي الزراعية الى اراض سكنية ولهذا اعددنا تحقيقاً صحفياً عن خطورة هذه الظاهرة على الانتاج الزراعي كاشفين اسبابها وتأثيرها على واقع البيئة الطبيعية .
البيئة في خطر
وعن ما تمثله هذه الظاهرة من خطر يهدد البيئة الطبيعية للمواطن توجهنا الى مديرية بيئة النجف الاشرف حيث التقينا برئيس الملاحظين خالد كريم زوير مسؤول شعبة تنظيم البيئة الطبيعية فحدثنا قائلاً : ان تجريف البساتين والاراضي الزراعية جريمة بحق البيئة وذلك من خلال تحويل نظام بيئي طبيعي الى مناطق سكنية عشوائية اضافة الى استغلال التربة الصالحة للزراعة في معامل الطابوق وهي كارثة بحد ذاتها.
مشيراً انه : تم مفاتحة هيأة الاعمار وهيأة الاستثمار بضرورة الزام المقاولين والمستثمرين بتعويض المساحات الخضراء المتضررة والاشجار المقطوعة بمساحات جديدة وتعويض القطع بأشجار جديدة ومساحات اخرى ومفاتحة مديرية زراعة النجف الاشرف قسم العقود الزراعية بضرورة استغلال الاراضي الزراعية الغير مستغلة وتسجيلها الى متعاقد اخر من اجل استثمارها بالزراعة بدلاً من الترك والتجريف.
خالد كريم زوير يؤكد لنا قائلاً : ان تجريف البساتين والاراضي الزراعية هو نتيجة ارتفاع اسعار الاراضي السكنية وقلته وتوفر الاراضي الزراعية وتزايد نسبة السكان.
ان الحفاظ على البيئة الطبيعية واجب وطني وشرعي ومواد قانونية في الدستور العراقي نصت على ضرورة الحفاظ وحماية البيئة وعن هذا تحدث لنا كريم خالد زوير قائلاً : ان قانون رقم (27) لسنة (2009) قانون حماية وتحسين البيئة المادة (17) ثانياً : يمنع عدم الالتزام بالتصاميم الاساسية للمناطق الحضرية وحماية الاراضي من الزحف العمراني.
ثالثاً : يمنع أي نشاط من شأنه الاضرار بمساحة او نوعية الغطاء النباتي في أي منطقة يؤدي الى التصحر او تشويه البيئة الطبيعية الا بعد استحصال موافقة الجهات ذات العلاقة في حين نصت المادة (18) خامساً : يمنع قطع الاشجار المعمرة في المناطق العامة داخل المدن الا بأذن من رئيس مجلس حماية وتحسين البيئة في المحافظة ويقصد بالاشجار المعمرة هي الاشجار التي يصل عمرها الى (30) سنة فأكثر.
مشيراً : ان الاراضي الزراعية نظام بيئي مستقل يجب الحفاظ عليه وذلك من خلال تفعيل القوانين كقانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة (2009) وقرار مجلس الوزراء رقم (343) لسنة (2011) والذي ينص على عدم تحويل الاراضي الزراعية الى سكنية.
تراجع ثروة الزراعة …
ان ظاهرة التجريف خطر يهدد الثروة الزراعية بقلة الانتاج وعن هذا يحدثنا منعم شهيد الفتلاوي معاون مدير زراعة النجف الاشرف قائلاً : ان ظاهرة تجريف البساتين والمساحات الخضراء اصبحت عامة في عموم العراق نتيجة الارباك في وضع الدولة وقلة تخصيص لقطع الاراضي السكنية ولم يكن تفعيل المتابعة وتطبيق القرارات والقوانين من قبل الجهات المعنية واتخذت وزارة الزراعة بالإجراءات وتحديد المناطق وتثبيتها بأجهزة Gbs)) وخاصة بساتين قضاء الكوفة التي انتشرت فيها ظاهرة التجريف بشكل غير طبيعي مما حول قطع كبيرة ومساحات شاسعة الى مناطق سكنية عشوائية بدون أي مسوغ قانوني ولدينا (300) قضية بأسماء العقود المتجاوز عليها لملاحقة الاطراف المعنية.
غياب التنسيق
وعن افتقار المؤسسات ذات العلاقة للتنسيق فيما بينها قبل اجراء التوسع حدثنا جابر عبد الحسن عبيدة مسؤول قسم الاراضي والمساحة في زراعة النجف الاشرف قائلاً : ان توسع البلدية دون التنسيق مع وزارة الزراعة ادى الى فقدان مساحات كبيرة من المساحات والاراضي الزراعية لان ضم اراضي ضمن التصاميم يجب ان يتم بموافقة وزارة الزراعة وهذا لم يحصل بسبب عدم التنسيق من قبل البلديات مع الزراعة وان التجاوزات وتجريف البساتين والاراضي الزراعية تتركز من مناطق قريبة على الوحدات الادارية للحاجة للسكن وان 80% من التجاوز في اقضية ونواحي داخل حدود البلدية بقطع سكنية ومحلات ومخازن مع ضرورة ايجاد البديل فيما يتعلق بالسكن للقضاء على هذه الظاهرة.
فيما يشير علي جبار مسؤول الشعبة القانونية قائلاً : ان الدعوى المسجلة للتجاوز وتجريف الاراضي الزراعية حوالي (217) دعوة للأعوام 2017و2018و2019.
اسباب التجريف
وعن الاسباب الرئيسية التي ادت الى ازدياد ظاهرة تجريف البساتين والاراضي الزراعية تحدث لنا هادي دعبول الحاتمي رئيس لجنة الزراعة في محافظة النجف الاشرف قائلاً : ان من اسباب تجريف البساتين والاراضي الزراعية في محافظة النجف الاشرف وخاصة في البساتين والاراضي في قضاء الكوفة نتيجة عدم قيام بلدية الكوفة بإدارتها المتعاقبة التي لم تفرز الاراضي وتوزيعها على المواطنين منذ عام (1982) وهذا السبب الرئيسي والسبب الاخر هو قيام المسؤولين بالتجريف والتجاوز على نطاق واسع وحتى بعض اعضاء برلمان وبعض الضباط ومسؤولين من مختلف المستويات لان المسؤول هو مسيطر على تنفيذ القانون ويسترسل لنا هادي الحاتمي بذكر الاسباب فيقول : ان عدم متابعة وزارة الزراعة لأصحاب الاراضي المتعاقدين عليها اصحاب العقود الذين قاموا بتقطيعها وبيعها وتحويلها الى قطع اراضي سكنية وان عدم تقديم الدعم للقلاح هو من الاسباب الذي ادى الى قيام الفلاح بتجريف الاراضي وبيعها من اجل ان يحقق ربح اكثر من الزراعة التي لا تسد قوته اليومي ومتطلبات زراعة المحصول.
اراضي مجرفة
منذ زمن ليس ببعيد كان العراق قد حقق رقماً قياسياً بعدد النخيل في العالم وعن هذا تحدث هادي دعبول الحاتمي فيقول : تجريف البساتين والاراضي الزراعية له تأثير على الثروة الزراعية وتقليلها حيث في عام (1977) كان العراق يملك (37) مليون نخلة والآن العراق يملك اقل من (15) مليون نخلة وتجريف الاراضي الزراعية يؤثر على المناخ والاتجاه الى التصحر.
ويشير هادي الحاتمي ذاكراً لنا مناطق لمساحات خضراء وأراضي زراعية تم التجاوز عليها وتجريفها وتحويلها الى اراضي سكنية او محلات تجارية في محافظة النجف الاشرف منها قائلاً : منطقة السهيلية او منطقة (الجماعة) في الكوفة مما ادى التي تحويل هذه بساتين والاراضي الزراعية الى مناطق سكنية منوهاً : ان اكثر التجاوز على الاراضي البلدية والاراضي الزراعية والمنطقة مقابل مستشفى الفرات الاوسط هي تابعة لبلدية الكوفة وتم التجاوز عليها وتقطيعها وتحويلها الى اراضي سكنية في ظل صمت لمديرية البلدية ولم تحرك ساكن تجاه هذه الظاهرة الخطيرة على مستقبل الثروة الزراعية والانتاج الزراعي في البلد.
تجاوز القانون
ان عدم تطبيق المواد القانونية بحق المتجاوزين هو عامل رئيسي لتنامي هذه الظاهرة وعن هذا حدثنا هادي الحاتمي قائلاً : القانون لا يسمح بوجود اكثر من دار سكنية في البستان او الارض الزراعية يعني حدد القانون البستان اذا كانت (5) دونم يجب ان تكون دار واحدة لكن ما نشاهده هو خرق للقانون ووجود الاراضي الزراعية مقطعة الى اجزاء ومن ثم بيعها على شكل قطع اراضي للسكن. ويضيف هادي الحاتمي فيقول : ان القرار (154) لمجلس قيادة الثورة المنحل لعام (2001) الذي نص على انه اذا تم التجاوز على الاراضي يتم الاحالة للجهة المسؤولة برفع التجاوز واذا عجزت الجهة المسؤولة يتم الاحالة الى رئيس الوحدة الادارية (القائم مقام) او (مدير الناحية) وتذكر الاسباب التي ادت الى عدم القدرة على رفع التجاوز ويقوم رئيس الوحدة الادارية بتشكيل لجنة من الزراعة والبلديات والاثار وعقارات الدولة ويقوم بتنفيذ ورفع التجاوز واخذ كلفة آليات (اجرة آليات العمل) التي قامت برفع التجاوز من الاراضي التي تم تجريفها وبناءها وحدات سكنية
ويسترسل هادي الحاتمي ذاكراً عقوبة المتجاوزين فيقول : يحكم بالسجن بمدة لا تقل عن (6) اشهر واقصاه (3) سنوات للمواطن الذي يرفض رفع التجاو اما الجهة المسؤولة التي تقوم برفع التجاوز على الاراضي الزراعية اذا تقاعست عن عملها يعاقبها القانون بالسجن بمدة لا تقل عن (6) اشهر واقصاه (3) ثلاث سنوات اذا كان هناك تقصير من اللجنة المكلفة بتنفيذ القرار لكن للأسف لم يتم تطبيق القانون رقم (154) لسنة (2001).
على الجهات المعنية من وزارة الزراعة والبلديات والبيئة وكل الجهات ذات العلاقة الاخرى العمل وضع خطوات عمل مستقبلية من شأنها القضاء على هذه الظاهرة التي باتت تهدد مستقبل البساتين والاراضي الزراعية وتطبيق القانون بشدة على المتجاوزين بمختلف مسمياتهم مع اطلاق حملة توعوية في القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والاذاعات من اجل حشد الراي العام العراقي لايقاف هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل الزراعة والانتاج الزراعي لان قلة الاراضي هو تراجع نسبة الانتاج.