تحقيق/ امير البركاوي
منذ زمن ليس ببعيد احتل العراق المرتبة الأولى في مصاف البلدان المنتجة للنخيل، سواء أكان في عدد النخيل الموجودة فيه أم في كمياته المصدرة إلى خارج العراق وبمختلف الأنواع التي كانت بأصناف عالية الجودة. وما ينتجه العراق من التمور كان ولا زال ثروة اقتصادية مهمة يتميز بها العراق إلى جانب ثرواته المهمة الأخرى، ولكن في الوقت الحاضر اصبحت هذه الثروة مهددة بالتراجع في الانتاج بسبب الإصابات المختلفة التي تصيب النخيل ومن ایرزها الحشرات المضرة بالنخيل. ولتسليط الضوء على هذه الأضرار الخطيرة والحلول العملية التي تحاول وزارة الزراعة العراقية أن تتخذها للحد من هذه الأخطار والقضاء على الآفات الموجودة، كان لنا هذه الوقفة.
المزارع العراقي ..المتضرر الاكبر
من الواضح ان التضرر الاكبر باصابات آفات النخيل هو المزارع كونه الشخص المسؤول عن زراعة النخيل وجني ثمار منها وعلى ضوء ذلك كانت لنا جولة ميدانية في البساتين والحقول المزروعة بهذه الاشجار التقينا خلالها مع عدد منهم :
جاسم عبد داخل ( 50 عاماً ) يقول : لقد تنوعت اصابات النخيل في البستان العائد لي فهناك حشرات تقوم بنخر سيقان النخيل وانواع اخرى تؤدي الى اصفرار سعفه وهناك اصابات تختلف بين الاصابات الفطرية والبكتيرية العديدة.
اما عن عدد الاصابات الموجودة في بستانه فيقول في البستان الذي املكه هناك قرابة الـ (200) نخلة تعاني (20 ) نخلة منها بالاصابة بامراض مختلفة أي تستطيع ان تقول ان نسبة في بستاني هو (10% ) وهذه النسبة كبيرة وخصوصاً اذا ما استفحل المرض وانتقل الى اخرى مجاورة.
اما السيد كاظم جبار البالغ من العمر ( 60 عاماً ) فيقول : ان هناك انواع محددة ومعروفة تصيب النخيل والاصابة متنوعة وابرزها ما يصيب ثمار النخيل وهما حشرتا ( الدوباس ) و (الجاعول ) اذ ان حشرة ( الدوباس ) تصيب ساق النخيل وتؤدي الن نخر الساق وسقوط النخلة اما (الجاعول ) فيعمد الى ثمار النخيل ويتلفها.
اما علي جفات البالغ من العمر (55 عاماً ) يقول : ويملك احد البساتين المهمة في محافظة القادسية فيتحدث عن الاصابات التي يتعرض لها النخيل قائلاً : حشرات ( الدوباس ) و ( الحميرة ) و ( العثة ) كلها تصيب النخيل وتفتك بالمحصول وهي في تزايد مستمر وللاسف الشديد مع غياب الدعم الحكومي للقضاء على هذه الامراض وان الجهود الفردية التي نبذلها كوننا نعتز بأراضينا والمحاصيل التي نزرعها هي التي دعتنا الى مكافحة هذه الافات وعدم تركنا لهذه الارض الغالية .
المشكلة الاولى : المالك غير موجود
يرى مدير الزراعة في النجف المهندس مجيد جاسم جياد ان سفر مالكي الاراضي الى خارج العراق هي المشكلة الاولى والسبب الرئيس في استفحال امراض النخيل فيقول : ان من اهم الاسباب التي ادت الى اصابة النخيل بهذه الحشرات هي مشكلة وحدة الملكية فالمالك للبستان خارج العراق والبستان لدى الفلاح والفلاح لا يحق له التصرف بمعنى ان الفلاح لا يستطيع الحصول على قرض لزراعة او مكافحة الامراض التي تصيب محاصيله الزراعية وهنا لا تستطيع الدولة ان تضع حلولاً لذلك.
ويضيف مدير الزراعة : ان المشكلة الاخرى هي مشكلة التوزيع فالفلاح يقوم بتوزيع الارض على اولاده وتصبح بعد ذلك بساتين النخيل وحدات سكنية مضافاً الى حصول مشاكل بين المالك والفلاحين تؤدي بالتالي الى اهمال البساتين من قبل المالك وتركها بيد الفلاح.
اما عن علاج آفات النخيل فيقول المهندس مجيد جاسم جياد : ان 50% من مكافحة الآفات الزراعية يعتمد على الطرق الزراعية وتنظيف الاراضي وسقيها وتسميدها وهذه الطرق للاسف الشديد غائبة عن الكثيرين من العاملين في اغلب البساتين والمزارع.
المشكلة الثانية : الآفات
يرى المهندس مجيد جاسم ان المشكلة الثانية التي تواجه زراعة النخيل في العراق وانتاج التمور هي اعداد وانواع الآفات التي تصيب اشجار النخيل فيقول : هناك جملة من الآفات الزراعية التي تصيب اشجار النخيل والتي تؤدي الى هلاكه خصوصاً بعد استفحاله وعدم معالجته في الوقت المناسب ويقع في مقدمة هذه الآفات ( الدوباس ) اذ ان الاصابة بهذه الحشرة في محافظة النجف تتراوح بين الخفيفة الى المتوسطة وهناك طرق عدة للمكافحة تتفاوت بين الطرق الارضية والجوية وقد تم مكافحة (300) دونم رش ارضي و(8000) دونم رش جوي في المحافظة بالاضافة الى طريقة ( الحقن ) لمكافحة حشرة الدوباس وطريقة الرش الارضي لفسائل النخيل والرش الجوي للنخيل العالية.
مضيفاً : هناك خطط واعمال جارية لاستحداث مصائد ضوئية لجذب حفارات النخيل والتي من خلالها يتم مكافحة آفات النخيل اما بالنسبة لحشرة ( الحميرة ) فالاصابة بهذه الحشرة في النجف خفيفة ويتم مكافحتها باستخدام طريقة تحفيز كتوف النخيل او باستخدام الطرق الحديثة الاخرى والتي تعتمد على آلية يتم من خلالها جذب ذكور الحشرة والقضاء عليها وبالتالي يؤدي الى عقم الاناث وتتم هذه الطريقة من خلال السيطرة عن طريق المصائد الفرمونية وستعمم هذه التجربة في السنوات القادمة على المزارعين.
وعن الاصابة الاخرى يتحدث مدير الزراعة في النجف قائلاً : الاصابة الاخرى هي ما تعرف بـ ( عنكبوت الغبار ) وقد كان ف السنتين الماضيتين الاصابة قليلة جداً بسبب الرطوبة العالية والتي ادت الى تراجعها لانه يستهدف المناطق الجافة وهذه الاصابة يتم معالجتها عن طريق الكبريت الزراعي.
اما عن حفارات النخيل فافضل طريقة لكافحتها تتمثل باستخدام الطرق الزراعية في المكافحة وهي التنظيف والسقي والتسميد والمصائد الضوئية.
وبالنسبة لامراض النخيل الفطرية فتحدث عندما يهمل البستان ولا يتم تنظيفه فكلما كان البستان نظيف كان مقاومته اقوى كلما كان البستان مهملاً تكون مقاومته للمرض قليلة واستخدام الطرق الزراعية من تنظيف وتسميد وسقي هي الطرق التي لا تستخدم فيها المبيدات التي تؤثر على البيئة.
مشيراً ان من امراض النخيل الاخرى بقوله : الذيول الفيزرومي وانحناء راس النخلة وخياس طلع النخيل ويمكن معالجتها عن طريق الحقن وباستخدام المبيدات الفطرية.
ماهو المطلوب
من خلال الجولة الميدانية التي قمنا بها والرؤية التي تصورناها عن مشكلة الآفات التي تصيب النخيل وجدنا ان الجميع مسؤول عن علاج هذه المشكلة فعلى المزارعين اتخاذ خطوات عملية لوقاية النخيل من الاصابة بالآفات الزراعية والتعاون مع مديريات الزراعة والمختصين للحيلولة دون ظهور الاصابات والمسارعة الى علاجها من جهة ومن جهة يجب تنظيف بساتين النخيل باستمرار وهذه تجعلها مقاومة النخلة للامراض عالية ومن ناحية اخرى يجب من وزارة الزراعة تقديم النصائح الارشادية للمزارعين سواء من خلال زيارات مستمرة ام من خلال التوعية والارشاد الاعلامي.