Menu
in

نزول ماكرون في لبنان -الغايات والاهداف

ما هندسه”جواد ظريف” قبل عام في باريس تجسّد أخيراً في لبنان ….فهل سيصل نحو العراق !؟
بقلم :- سمير عبيد
#تمهيد ضروري :-
أولا :-
في ٢٦ آب ٢٠١٩ نزل وزير الخارجية الايراني جواد ظريف وبطريقة مباغته وغامضة في فرنسا . وتحديدا كانت الزيارة المفاجئة والخاطفة إلى جنوب غربي فرنسا، حيث تعقد قمة مجموعة السبع.وعقد ظريف أكثر من ثلاث ساعات من المحادثات، بما في ذلك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن يغادر عائدا إلى طهران.وحضر وزير الخارجية الإيراني محادثات جانبية في مدينة بياريتز الساحلية حيث تجمع زعماء العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.وتشير التقارير إلى أن الوفد الأمريكي فوجئ بزيارة ظريف، التي تأتي في وقت يتسم بالتوتر الشديد بين طهران وواشنطن.وقال ظريف على تويتر إنه أجرى محادثات “بناءة” مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان والرئيس الفرنسي.وقال مسؤولون فرنسيون للصحفيين إن وزير الخارجية تمت دعوته بالاتفاق مع الوفد الأمريكي، وقال دبلوماسي فرنسي حينها للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته: “نعمل بشفافية كاملة مع الامريكيين”.
من هنا وضعت الصفقات الكبرى بين أيران والولايات المتحدة برعاية فرنسية شملت لبنان والعراق ومناطق اخرى .وهي الصفقة التي أبعدت شبح الحرب ضد أيران . وما يحصل الآن من هندسة فرنسية بلبنان هو بدعم وتأييد ايراني. وفِي العراق تمت صفقة تمرير مصطفى الكاظمي رئيسا الحكومة في العراق في ٧ مايو ٢٠٢٠ وسط ذهول العراقيين والمراقبين حيث حضر جميع حلفاء أيران في العراق حينها لدعم الرجل على الرغم من اتهامه من قبل ايران وخطوط عسكرية عراقية بانه له يد باغتيال الجنرال سليماني والقائد ابو مهدي المهندس!!.

ثانيا :-
فلم تكن صدفة أن ينزل الرئيس الفرنسي “والمصرفي واليهودي” ماكرون في لبنان ومباشرة ً بُعيد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت .وهنا تلوح عشرات علامات الأستفهام. لأن ماكرون رئيس دولة وليس مواطن عادي لكي يسحب حقيبته وفيها ملابسه الداخلية و على عجل ليستقل الطائرة وينزل في مطار الدولة التي يقصدها. وحتى المواطن العادي ايضا يُراد له استعداد وحجز وانتظار كي يطير ويصل …
فكيف برئيس دولة عظمى، ويمتلك حصانة خطيرة ، وجداول اعمال، والتزامات ولديه مالديه، وطائرة خاصة، وحرس وحشم وحراسات ومرافقين وصحفيين ومسؤولين واعضاء حكومة ، ويحتاج وضع خطط امنية ولوجستية مسبقة وسفر فرّق فرنسية امنية واستخبارية الى لبنان قبل وصول الرئيس على اقل تقدير بأسبوع لتمهيد الزيارة!
فمتى تم ذلك ؟
فهل يُعقل كل هذا تم بسويعات قليلة !!!!.
فكّر معي قليلاً !!.

ثالثا:-
بحيث وعندما نزل الرئيس الفرنسي لم يكن مرتبكا ولَم يكن حذرا ولا حتى قلقا نزل وكأنه يتجول في مدينة فرنسية. وهنا ايضا تبرز علامات استفهام من هي الجهة الدولية والمحلية في لبنان التي وفرت الراحة للرئيس ماكرون ومقابل ماذا ؟ .
خصوصا وان لبنان مخترق و فيها استخبارات اقليمية ودولية تابعة لدول ليست بالضرورة تتوائم من فرنسا في لبنان واولها الاستخبارات التركية التي تناكف فرنسا وماكرون شخصيا ….
والغريب عندما نزل بلبنان نزل فاتحاً من خلال كلماته وتصريحاته وتوجيهاته واطلاق اوامره وتهديداته للسياسيين والجهات النافذة باستثناء حلفاء ايران وكأنه ” نابليون الجديد” ….والغريب قابله صمت مطبق من ايران وصمت مطبق من حلفاء ايران في لبنان.فالكل صرّح وغرّد واعترض ووافق الا حلفاء ايران . وهذا لم يحدث بهكذا احداث قط !!.بحيث نُسي الانفجار وخسائره في الاعلام والتصريحات وبات العمل واللغط هو تطبيق اوامر وتوجيهات ماكرون .بحيث كرر ماكرون الزيارة الى لبنان وبنفس التهديدات والوعيد للأفرقاء اللبنانيين وهددهم بالفعل ورمى عليهم مرشحاً مغمورا لم يكن في الحسبان ليُكلف بتشكيل الحكومة وهو سفير لبناني في المانيا ومتزوج من سيدة فرنسية وله علاقات قوية مع اصحاب القرار بفرنسا ورحب به الرئيس اللبناني عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وح ز ب الله !

#ماهو سر صمت حلفاء ايران في لبنان ؟

فجميع تحركات وتصريحات وتوجيهات الرئيس الفرنسي ماكرون في لبنان هي نحو أسقاط وانهاء ( أتفاق الطائف) واستبداله بعقد جديد. وهناك مساعي فرنسية لتعديل الدستور في لبنان. وهذا يعني أن أنفجار مرفأ بيروت ونزول ماكرون بلبنان سوف يكون فاصل بين تاريخ سياسي لبناني مضى ، وتاريخ سياسي لبناني بدأ !!.

ولو نظرتم الى عبارة ( أسقاط اتفاق الطائف ) فهي تحمل حقيبة اسرار ماكرون واولها
١-أنهاء الهيمنة السعودية على القرار اللبناني
٢- اعادة النظر باحتكار رئاسة الحكومة للسنة مستقبلا.وبعد تعديل الدستور
٣- تفتيت الدويلات الطائفية والعرقية التي فصلها اتفاق الطائف نحو الحالة الوطنية اللبنانية
#فهذا سر صمت شيعة لبنان، وخصوصا حلفاء ايران لأن تحركات وتوصيات وتوجيهات الرئيس الفرنسي ماكرون تصب في صالحهم .ولهذا لم يصرحوا ولَم يعترضوا ولَم يصدروا البيانات .ولو نظرنا بالعمق فالصورة واضحة وهي أن هناك توافق او صفقة ما بين ايران وفرنسا في لبنان وربما ستتوسع في بلدان اخرى ومن هنا جاء قرار ماكرون لزيارة العراق وفِي جعبته مخطط برضا ايراني ايضا !!

#ملامح لصفقة بين ايران وفرنسا بلبنان !
عندما صرّح وأصّر الرئيس الفرنسي ماكرون على تطوير النظام السياسي في لبنان فهذا يعني اسقاط النظام الطائفي الذي فصله اتفاق الطائف .وهذا يعني انهاء دور السعودية وتقليم اظافر تركيا ( العدو اللدود لفرنسا) !

فسارع ح ز ب الله مباشرة لألتقاط عبارة ” تطوير النظام ” واعلن موافقته عليها مما ربح رضا فرنسا ليضمن بقائه في الحكومة الجديدة والاتيان برئيس حكومة ( مقدور عليه) .ومن هناك سارع حليف ح ز ب الله الرئيس عون ليغازل الرئيس ماكرون بمطالبته بدولة مدنية في لبنان !

وهنا بات الطرف الاقوى في لبنان ولجانب فرنسا هم ح ز ب الله وح ر ك ة أمل والرئيس عون !ومن هنا ولدت الصفقة مع فرنسا وعاد الرئيس عون قويا وهنا انتصر على خصومه وشاتميه .وبالمقابل حوصرت الجبهة السنية في لبنان وفقدت بريقها !!.

#فالسنة في لبنان باتوا في حالة انقسام شديدة بسبب

١-بسبب تلون ولاءاتهم بين السعودية وتركيا والامارات وغيرها من الدولة.فضيعوا الطريق
٢-بسبب الصراع السني القوي على الزعامة فصاروا معولا لأنهاء اتفاق الطائف دون علمهم
٣-وبسبب عدم رد ح ز ب الله و ح ر ك ة أمل على جميع التحرشات والاستفزازات والتهديدات السنية خلال الاشهر الماضية .وكذلك عدم انجرار انصار الرئيس عون للصراع مع السنة فانقلب الصراع وصار بين السنة أنفسهم !

#ح ز ب الله والرئيس عون والترحيب بأديب !

١-عندما طرحت فرنسا مرشحا سنيا ليُشكل الحكومة اللبنانية وهو السفير ” مصطفى أديب” رحب الشيعة مباشرة به ودعموه وكذلك رحب به الرئيس عون .فنجحوا باسقاط جميع الاوراق السنية وكسبوا رضا فرنسا .لا سيما وان صهر الرئيس عون السيد جبران باسيل وعندما كان وزيرا للخارجية ربطته علاقه جيده بموظفه السفير اللبناني في المانيا السيد مصطفى اديب والذي بات هو المرشح الوحيد لتشكيل الحكومة

٢-ومن هناك تصاعد الصراع بين نجيب ميقاتي من جهة وبين سعد الحربري من جهة اخرى لقيادة سنة لبنان ولفرض مرشح لتشكيل الحكومة .وعندما احتد الصراع دون نتيجة سارعت باريس لطرح مرشحها ( مصطفى أديب )فخسر ميقاتي والحريري والسنة مرشحا قويا ومحترفا
٣- واتصل الرئيس الفرنسي ماكرون بزعيم الدروز وليد جنبلاط فأخذ التعليمات بالتصويت الى صلح المكلف مصطفى اديب !.

#الخلاصة :-
١-خسر سنة لبنان وحدتهم ، وخسرت العائلات السنية النافذة نفوذها في الحكومة المرتقبة بقيادة مصطفى أديب !
٢- ربح تحالف الرئيس وعون والشيعة ” ح ز ب وأمل ” وهذا يعني ربح المحور الايراني في لبنان
٣- ودخل لبنان في الرعاية الفرنسية بالتفاهم مع أيران وحتما سيقود هذا التفاهم الى موضوع صراع ح ز ب الله مع اسرائيل مستقبلا وموضوع مزارع شبعا المحتلة !

سمير عبيد
٣ أيلول ٢٠٢٠