“
حيدر صبي – خاص لبانوراما
حدث كبير وقع قبيل فجر امس ، حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، عندما تصاعدت السنة اللهب لتتسع الى نيران كبيرة في الزاوية الشمالية الغربية لمنشأة تخصيب اليورانيوم في مفاعل نطنز، على بعد 250 كيلومتر تقريباً عن طهران”.
حاول الايرانيون كعادتهم التعمية على الحدث ابتداء بعدم ايلائه الاهمية الكبيرة وتلك قصدية تنتهجها السياسة الايرانية في احداث تقع على اراضيهم وفيما كانت ذا تأثير ووقع كبير على الرأي الايراني لا ينوه عنه بكما هو واقع , ” الطائرة الماليزية – مثالا ” .
سارع حاكم منطقة نطنز ” رمضان فردوسي ” امس الخميس , بتكذيب الانباء التي افادت بوجود تسريب او تلوث اشعاعي , نافيا بذات الوقت وقوع خسائر بشرية جراء الحادث , لا بل انه نفى ما اسماها بالتكهنات التي افادت بتعرض المنشأة لاي هجوم , عاداً تلك الانباء عارية عن الصحة , لكنه تدارك بعد هذا بقوله : ” ان الخبراء يدرسون اسباب وقوع الحادث ” ؟. من جهته، حاول المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمال وندي، التقليل من شأن الحريق ووصفه بأنه “حادث في موقع صناعي قيد الإنشاء وتعرض إلى بعض الأضرار”، حسب تعبيره.
نتيجة لتداول الخبر وانتشاره في وسائل الاعلام العالمية والاقليمية ومن ثم اعلان الجهة التي نفذت المهمة عن نفسها , خرج المتحدث باسم المجلس الاعلى للأمن الايراني : كيوان خسروي ” ليعلن اليوم الجمعة اعترافه بوقوع الحادث وان بلاده اجرت تحقيقات دقيقة للغاية وان فريق التحقيق الايراني قد توصل الى السبب الرئيس الذي يقف وراء الحادث لكنه امتنع الافصاح عنه لدواعي امنية وحسب قوله .
- الجهة التي نفذت الهجوم
لم تكن وسائل الاعلام العالمية تتداول اسم ” نمور الوطن ” قبل وقوع حادثة نطنز , والمجموعة حتى هذه الساعة لم يكشف عن هيكلية تنظيمها ولا الشخصية التي ترأسها , ولا هناك معلومات متوافرة لمعرفة عدد عناصرها , وهل هم ايرانيون ام من جنسيات اجنبية , وهي ان كانت عبارة عن تنظيم جديد , هل نشأ على الاراضي الايرانية , أم تسللت عناصره الى الداخل الايراني , وهل من صلة بينها وبين تنظيم داعش الارهابي كل ذلك سيتكشف حتما بالمستقبل القريب خصوصا اذا ما نفذت تلك المجموعة مزيدا من الهجمات داخل العمق الايراني . - البي بي سي تحصل على السبق
القسم الفارسي للإذاعة الـ ” بي بي سي ” البريطانية كان له السبق في التعريف عن تلك المجموعة حيث ذكر، أنه تلقى قبل ساعات من إعلان أول خبر عن الانفجار في نطنز بياناً عبر البريد الإلكتروني يفيد بتنفيذ “عمليات” في الساعة الثانية من فجر اليوم الخميس في منشأة نطنز وموقع نووي آخر في مدينة كاشان، في محافظة أصفهان أيضاً.
وقالت الاذاعة ان مجموعة إيرانية سرية تطلق على نفسها اسم “نمور الوطن” هي من اعلنت مسؤوليتها عن التفجير الذي حدث في موقع نطنز النووي، بالقرب من مدينة أصفهان بوسط إيران، صباح اليوم الخميس.
ولفتت المجموعة، التي أطلقت على نفسها “نمور الوطن”، تبنيها العملية حيث زعمت بأن لها عناصر يعملون داخل أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية.
وتابعت الاذاعة القول : ” ان المجموعة ذكرت في بيانها , إنها اختارت “موقع كاشان النووي” و”المواقع الجديدة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم” كأهداف لأولى عملياتها. وذكرت المجموعة أنها اختارت هذه الأهداف لأنها مرافق مهمة، كما أنها ليست مبنية “تحت الأرض”، وبالتالي فإن تدميرها أمر “لا يمكن إنكاره”. - “نمور الوطن” مجموعة أم تنظيم ؟
خارطة الاهداف التي نفذتها تلك المجموعة تنبي ان ما تم تنفيذه هي عمليات نوعية لا تستطيع القيام بها غير المجاميع المحترفة تكون عناصرها مزودة بخبرات فنية وعسكرية وتلقت تدريبات فائقة ” داخلية وخارجية ” وتتحرك وفق خطط معدة سلفا وعناصرها تمتلك المعدات الفنية وتكنولوجيا متطورة , ما يمكنها من تنفيذ عمليات نوعية كبيرة مع قابليتها على التخفي بين اوساط المجتمع الايراني على انها وحال توجيه الاوامر لها ” هكذا مجاميع لابد وهي تتلقى الدعم الخارجي – لكن من أين ؟ ” تقوم بتنفيذها بحرفية مدهشة . ففي ليلة الخميس/الجمعة الأسبوع قبل الماضي، نفذت عملية تفجير في منشأة عسكرية في منطقة جبلية شرق طهران، وقال المسؤولون الإيرانيون أنه وقع في قاعدة “بارتشن”، وأنه نجم عن انفجار بالون غاز , بينما صحيفة نيويورك تايمز اكدت وحسب تسجيل اظهرته صور القمر الصناعي, أن الانفجار وقع في منشأة يتم فيها تطوير صواريخ باليستية وتنتج وقود للصواريخ وهذا ما يدلل صحة تبني ” نمور الوطن ” للعملية .
الواقعة الثانية كانت الثلاثاء، من الاسبوع الماضي , عندما انفجرت منشأة طبية في طهران، وقالت السلطات الإيرانية إن الانفجار نجم عن تسرب غاز، وأسفر عن مقتل 19 شخصاً , العملية هي الاخرى تبنتها ذات المجموعة , مما يدلل انها عبارة عن تنظيم ربما سيقوم بمزيد من العمليات في الاسابيع او الاشهر القادمة . - هذا ما قالته الصحافة الاسرائيلية حول تفجير نطنز
نقلت صحيفة “يديعوت” الإسرائيلية عن خبراء أميركيين قولهم إنه أقيم في نطنز قبل فترة قصيرة مصنع لتطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة لتخصيب اليورانيوم، وأن معهدي أبحاث أميركيين خاصين رصدا الأضرار التي حدثت في منشأة نطنز.
وأضافت أنه “يتضح من هذه المعطيات لماذا ينتاب القلق كل من يخشى أن تطور إيران قدرات لصنع سلاح نووي. وليس من كميات اليورانيوم المخصب التي جمعتها إيران، خلافاً للاتفاق النووي، وإنما من وجود أجهزة الطرد المركزي بالأساس”.
وأشارت الصحيفة ، استناد إلى “تقارير أجنبية” ، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ألحقت أضرارا بمنشأة نطنز بواسطة هجمات سايبر، قبل 12 عاما، بالتعاون بين الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي ووكالة التجسس الإلكتروني الأميركية، تم حينذاك زرع فيروس إلكتروني، يطلق عليه اسم “ستكينت” في حواسيب المنشأة وتسبب بتدمير قسم كبير من أجهزة الطرد المركزي. - لماذا لا تعلن ايران عن الجهة المنفذة ؟
المسؤولون الايرانيون حتى الساعة لم يتهموا جهة بعينها , وهم كما اشار المتحدث باسم مجلس الامن القومي الايراني لا يرغبون بالكشف عن الجهة التي تقف وراء الانفجارات الثلاث الاخيرة ولدواعي امنية وكما صرحوا , لكن اصابعهم بالتأكيد سوف تشير نحو الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل وربما لن تكون المملكة العربية السعودية بمنأى عن تلك الاتهامات ايضا , واما لماذا لا تريد ايران التصريح الان فهي انما ترغب بامتصاص الصدمة ” هم قالوا اننا علمنا الجهة التي تقف وراء حوادث التفجيرات ” ، ومن ثم لابد وان تجد السيناريو المناسب والذي تكون مخرجاته ذات تأثير على الرأي العام الايراني وحتى لا تظهر نفسها بموقف الضعيف فهي بعد ان تعلن عن الجهة التي كانت تقف خلف جميع تلك الحوادث , سيخرج مسؤوليها للاعلام ليهددوا بالرد المزلزل في الوقت والمكان المناسبين وبالطريقة التي يرونها مناسبة .
