in

هكذا تبلور مشهد العالم الجديد :-

بقلم/ سمير عبيد

•هكذا نجح الأنقلاب الايراني الناعم متعدد الأهداف !.
•كيف دخل العراق الى صفقة الحياد الإيجابي !؟
•الصين وروسيا تسجلان إيران لاعباً ثالثًا في الفريق الشرقي المتحدي لواشنطن !.

ثالثا :-

الأنقلاب السياسي الايراني الناعم !!.
في ٢٧ مايو ٢٠٢٠ وتزامنا مع وصول السفن الإيرانية الخمسة المحملة بالبنزين المرسل من طهران الى كاراكاس ،اَي تلك السفن التي كسرت الحصارين الاميركيين ضد إيران وضد فنزويلا في آن واحد تم تمرير أنقلاب سياسي كبير وبلا ضجة في إيران وقبل فترة من الأنتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة .والانقلاب السياسي الابيض هذا ولّد منه الجنرال السابق في الحرس الثوري السيد ( محمد باقر قاليباف ) ليصبح رئيسا لمجلس الشورى الايراني ويذهب رئيسه المخضرم السابق علي لاريجاني ليكون مستشارا للمرشد الاعلى الايراني وعضو في تشخيص مصلحة النظام !!
والمعروف عن السيد قاليباف خصومته السياسية مع الرئيس حسن روحاني وسبق وان نافس روحاني في الأنتخابات الرئاسية عام ٢٠١٧ وحل بالمرتبة الثانية بعد روحاني والسبب الاول في الخصومة السياسية لأن روحاني يمثل الاصلاحيين وقاليباف أحد صقور المحافظين .فسارع روحاني وحال فوز قاليباف برئاسة البرلمان قائلا ( يجب ان نضع المشادات السياسية جانباً والعمل معا ضد جائحة كورونا ) فرد رئيس مجلس الشورى قاليباف قائلا ( يجب وضع الخلافات جانباً عن مصالح البلاد) .لا سيما وان السيد قاليباف يتصف بالبراغماتية والإبداع، ولديه خصال يمتدحها المختصين في الملف الايراني وهي قابليته على أستيعاب الخصوم عند العمل الجماعي وعندما يكون رئيسا لهم .وتجسّد هذا عندما شغل قاليباف منصب مدير بلدية طهران منذ ٢٠٠٥ -٢٠١٧ وقاد ثورة حقيقية فيها وكان جيدا مع الاصلاحيين الذين يشغلون المناصب في بلدية طهران .وحتى عندما كان قائدا لشرطة طهران فكان مرناً وكاسباً لجميع التيارات والخصوم فوصف حينها بالبراغماتي التنفيذي !،

ولمن لا يعرف السيد محمد باقر قاليباف:-

فهو عضو سابق في الحرس الثوري الايراني ومن زملاء الجنرالات الكبار امثال الجنرال قاسم سليماني. وهو طيار مدني وحاصل على الدكتورة في الجغرافيا السياسية وأن من عقد قرانه على زوجته وأم أولاده هو الأمام الخميني بنفسه .. .وقليباف شخصية قيادية في جبهة المحافظين القريبة من المرشد الاعلى .وسبق وان ترشح للأنتخابات الرئاسية ثلاث مرات .ولهذا يعتبر موقع قاليباف الجديد صمام أمان للنظام السياسي في إيران حسب حسابات المرشد الاعلى والمحافظين . لا سيما وان فوزه برئاسة مجلس الشورى ” البرلمان ” يعتبر رسالة أطمئنان الى الحرس الثوري الايراني ،والى جمهور تيار الثورة المتشددين ( المحافظين ) وعنصر توازن استباقي فيما لو فازت شخصية اصلاحية برئاسة الجمهورية وسيكونَ ركن رئيسي في ترسيخ وضع وقوة النظام فيما لو فازت شخصية محافظة برئاسة الجمهورية !!

والسؤال :-

١- هل أن فوز السيد قاليباف برئاسة مجلس الشورى الايراني ” البرلمان ” بات ضمان لفوز المحافظين برئاسة الجمهورية في الأنتخابات المقبلة !؟
٢- هل أن جلوس السيد قاليباف على رأس السلطة التشريعية في إيران وفي هذا الوقت بالذات له دلالات ضبط أستباقي في حالة شغور موقع المرشد الاعلى فيكون خط دفاع قوي ضد الأصوات والتيارات الناقدة لولاية الفقيه في إيران والبقاء على نفس الخط !؟

فمن وجهة نظرنا :-

١-نعتبر أن وصول السيد قاليباف الراديكالي المنضبط والسائر على طريق ومحطات الرئيس الأسبق أحمدي نجاد لرئاسة مجلس الشورى هو محسوب بحسابات دقيقة جدا . ومن ضمن تلك الحسابات الدقيقة ولتوفير مساحة من الراحة وحرية العمل بات أبرز الفائزين معه لرئاسة البرلمان كمساعدين واللجان المهمة في مجلس الشورى هم من المحافظين ايضا .وهذا يعني تنفيذ انقلاب سياسي ناعم وأبيض لصالح تقوية اركان النظام السياسي الحاكم في ظروف سياسية واقتصادية وأمنية غاية في التعقيد …
٢-ولن نستبعد اطلاقا تخطيط وبصمات الحكيم الايراني المرشد السيد علي الخامنئي فواضح أنه مهندس ومشرف هذا العبور السلس والتمترس الأستباقي لأي تطورات قد تعصف بايران كدولة ونظام ، وقد تعصف وبالمنطقة ككل. ويبدو واضحاً أن السيد الخامنئي قد أخذ بنظر الاعتبار من خلال هذا الانقلاب الناعم حتى الوضع الصحي له فوضع الخط الآمن والسلس لخليفته وهذا غاية في الواقعية والإيثار والوطنية !!.

ولكن ماهي أهم قناعات السيد قاليباف!؟

عندما أفتتحت الجلسة الاولى لمجلس الشورى الايراني “البرلمان” بتاريخ ١ حزيران ٢٠٢٠ تبينت القناعات الداخلية والخارجية !!.

أولا :-

تمسك السيد قاليباف بمواصلة دعم المليشيات المتحالفة مع إيران من جهة ، ووصف التفاوض مع الولايات المتحدة بأنه بلا جدوى لأن الادارة الاميركية عديمة الكفاءة والارتباك الإداري لذا فالتفاوض معها لا فائدة منه وكله أضرار !!!.حسب كلامه !
•وهذا الكلام بمثابة رسائل مزدوجة إلى :-
١- هي رسالة الى الرئيس روحاني وحكومته بأن عليه التكيّف مع هذه السياسة وعدم الأنفتاح امريكا والغرب على أقل تقدير خلال الفترة المتبقية للرئيس ترامب، وعدم المساس بحلفاء ايران في المنطقة !.
٢- بمعنى أغلاق الطرق كافة على الرئيس ترامب وعدم أعطائة اَي نصر ولا أي ورقة تحسن من أوضاعه في الانتخابات الاميركية !.
٣- هي رسالة الى الاصلاحيين داخل البلاد وداخل البرلمان الايراني بعدم التقارب مع امريكا والغرب !.

ثانيا :-

توعد السيد قاليباف بالانتقام لمقتل الجنرال سليماني حيث قال ( تعاملنا مع الولايات المتحدة يتضمن أكمال سلسلة الأنتقام لدماء سليماني …وسيكتمل بطرد الجيش الأميركي من المنطقة تماماً) !
وهنا يصر السيد قاليباف على الرد الأستراتيجي المتدرج والذي تريد خاتمته طهران أن يُتوج بطرد التواجد الاميركي في العراق والمنطقة.. وتعتبر ايران ان ردها وطلبها مشروعاً لأنه ثأر مشروع وانتقام ايراني مشروع لمقتل سليماني !.
ثالثًا :-
ولم ينسى قاليباف بأرسال رسالته الواضحة لواشنطن وتل أبيب وللأنظمة الخليجية وللحكومة العراقية قائلا ( أن تنامي قدرات محور المقاومة المدعوم من إيران في لبنان وفلسطين والعراق واليمن سيكون ضمن أجندة البرلمان الايراني ) وهذا تحدي لتلك الدول والانظمة ، وكذلك بمعنى تعهد لمحور المقاومة بأنه ليس هناك تغيير في السياسة الإيرانية أتجاه هذا المحور. وان خط تنمية هذا الخط من ضمن عمل مجلس الشورى الايراني .ويعني هذا تعهد من أعلى سلطة إيرانية بأن لا مساومات إيرانية على محور المقاومة وموضوع تبنيها من قبل إيران !!.

الدول الكبرى باتت تعرف قيمة ايران الجيوسياسة والاستراتيجية فأنفتحت عليها بأستثناء العرب !!!.

١-فدولة مثل إيران لديها هذا الموقع الأستراتيجي وكنظام مؤسسات وكقوة اقتصادية وعسكرية فللأسف لم يعرف قيمتها العرب وبمقدمتهم الأنظمة الخليجية فأخذوا جانب العداء والتآمر وتثقيف شعوبهم ضد إيران خدمة لإسرائيل .فلم يجنوا غير فقدان خزائن شعوبهم لصالح شركات السلاح الأميركية والغربية والاسرائيلية ولتنشيط سوق العمل الاميركية وتغطية الانتخابات الاميركية والاسرائلية وتأسيس جيوش رديفة من العرب والمسلمين مثل تنظيم القاعدة ، وتنظيم داعش، وتنظيم النصرة والتنظيمات المتطرفة والإرهابية الاخرى وجعلها بخدمة إسرائيل لتمزيق أوصال الأمة العربية وبتمويل من الخزائن الخليجية ولم يفكروا ان ايران دولة باقية بمكانها للأبد وبجوار معهم !!.
٢-ولكن بالمقابل هناك دول مهمة في العالم عرفت قيمة الموقع الاستراتيجي لأيران وقيمة التاريخ والحضارة للشعب الايراني ،وقيمة الديموغرافية الإيرانية ب 80 مليون نسمه بأكثرية دون سن ال ٢٥ عاماً ، وعرفت قيمة الموقع المحوري لإيران وقيمة القوة الاقتصادية والموارد البشرية والثروات لدى ايران فسارعت للتحالف مع إيران أو تحسين العلاقة معها وبمقدمة تلك الدول ” الصين ، وروسيا ، وسلطنة عمان، وألمانيا ، وفنزويلا ، والنمسا وسوريا ، وكوريا الشمالية ، واليابان ودول كثيرة ” . مقابل غياب عربي لا بل مقابل أستعداء عربي غير مبرر !!!.
٣-ولكن الصين وروسيا لهما خصوصية خاصة عندما عرفتا ان إيران تمثل خط الصد للدفاع عن الصين وروسيا وهي حائط البيت الشرقي الذي تمثله الصين وروسيا وان أي أنهيار جغرافي وديموغرافي وأقتصادي وسياسي وأمني في إيران سوف يؤثر مباشرة على روسيا وجمهورياتها وعلى الصين. لهذا فُرض التحالف الصيني والروسي مع إيران فرضاً على موسكو وبكين. وهذا سر عدم خوف إيران من الولايات المتحدة ومن تهديدات الرئيس ترامب وسر تحديها لواشنطن ولسياسات ترامب . بحيث وأخيرا حتىً أدارة ترامب نفسها عرفت قيمة إيران فبات ترامب يتوسل التقارب معها خصوصابعد اطلاق سراح السجناء والمحتجزين في البلدين .

ولكن بالمقابل هناك جانب يجب ان لا نغفله وهو وفاء ايران لحلفائها جميعا وبمقدمتهم الصين وروسيا وسوريا وفنزويلا بحيث لم تتماهى ايران مع امريكا على حساب هذه الدول وهذه صفة سُجلت لصالح إيران بأنها دولة مواقف ودولة وفاء !!.

وقد يسأل العراقيون :-

ولكن لماذا إيران في العراق ومع العراق مختلفة وليس مثلما تفعل في سوريا وحتى في لبنان وبات تدخلها مؤلم للعراق والعراقيين اَي بات تدخل سلبي جعل الكثير من العراقيين يرفضون تواجدها ويطالبون بخروجهاوعدم تدخلها!؟

الجواب :- لهذا السؤال جواب بشطرين :-

١- العِلة ليست بإيران بل العلة بالعراق. لأن الشعب العراقي لم يفرز قيادة وطنية تحب العراق وتحب العراقيين. وعندما وجدت إيران الطبقة السياسية الحاكمة في العراق بهذه الصفات البدائية في السياسة والقيادة اضافة لصفة الانتهازية والانبطاح باتت لا تحترمهم ولا حتى تصدقهم .لهذا فعندما وجدوا السوريين واللبنانيين سوريا ولبنان اولا والامن القومي الداخلي مصان مباشرة أحترم الايرانيون ذلك والتزموا !!.

وبالتالي فهي لم تجد نظام سياسي وطني وموحد وقراره واحد في العراق مثل النظام السوري لكي تحترمه وتعرف حدودها ، ولم تجد قادة شيعة مخلصين لبلدهم العراق مثل حزب الله والقادة اللبنانيين الشيعة المخلصين لبلدهم لبنان ولا يكرهونه ولا يكرهون الشعب اللبناني حينها احترمتهم إيران واطمأنت لهم!!!!.

اما النظام السياسي في العراق والقادة في العراق وبمقدمتهم( الشيعة) فهم لا يؤتمنون على العراق فكيف يؤتمنون على جيرانهم!!!. ولهذا سارعت ايران لتكون فاعلة في العراق للدفاع عن ايران ومصالحها في العراق فجعلت العراق حائط صد لحمايتها والسبب عدم وجود قيادة عراقية وطنية وصادقة تقوم بهذه المهمة وان قامت بذلك فليست هناك مصداقية بها و بهم !!.

٢-لدى العراقيين حساسية نفسية من تدخل الدول ولكن حساسيتهم كبيرة من إيران بسبب الحرب بين العراق وايران ، وبسبب الضخ الاعلامي ضد ايران قبل عام ٢٠٠٣ وما بعده من الداخل العراقي ومن الاعلام الخليجي والعربي والغربي والاميركي! ….
والسبب الرئيسي هو اعتماد ايران على قلة من الوجوه المعروفة من السياسيين وبعدها صبت ايران اعتمادها. على المغمورين والفاشلين والمحرومين والمنبوذين والجهلة وغير المتعلمين وعلى المتسلقين وعلى المستوطنين في العراق من أصول غير عربية وفرضهم بالقوة ساسة و قادة وأسياد وبسلطات وجيوش سرية على العراقيين مما نفروا العراقيين ضد ايران وضد هؤلاء وخصوصا نفرت النخب والمثقفين والطبقة المتوسطة والمناضلين الحقيقيين من غير الإسلاميين من ايران ومن أستراتيجيتها بفرض هؤلاء وتجار الشنطة من مكونات اخرى وجعلتهم قادة على الشعب العراقي.. ومن هناك فرض المحتل الاميركي ومن ورائه اسرائيل نماذج بنفس المواصفات اللاوطنية والانتهازية والعمالة ليصبحوا قادة على الشعب وهكذا فرضت تركيا والانظمة الخليجية قادة بنفس المواصفات فتطوق الوطنيون والشرفاء وعشاق العراق فباتوا أقلية غير فاعله والسبب ايران من وجهة نظر الشعب لأنها تحالفت نفعيًا مع المحتل الاميركي في العراق لكي يبقى العراق حائط صد يحمي ايران اولا وحائط صد يحمي الصين وروسيا والسعودية والخليج ثانيا وعلى حساب بقاء العراق متقهقرا وبقاء الشعب العراقي ممنوع من النهوض والبقاء مقهورًا وقراره خارجي بحيث باتت الحكومات العراقية تشكلها ايران وامريكا والدول التي ورد ذكرها..

والشعب العراقي مصادر الإرادة وحاله حال ركاب طائرة مخطوفة خاضعين لأوامر وتعليمات وقهر ومزاجية القراصنة الخاطفين والذين لديهم حصانة من ايران وامريكا وتركيا والسعودية والخليج واسرائيل والبنك الدولي …والغريب ان هذا الخطف وللسنة ١٦ سنة على التوالي تحت شعار الديموقراطية!!.

سمير عبيد
٦ حزيران ٢٠٢

عااجل… دعوة المرجعية الى رعاية الاجراءات الوقائية بعد تزايد عدد الاصابات بوباء كورونا في العراق

المعتقلون والسجناء السياسيون وثوار الانتفاضة الشعبانية وذوي الشهداء يحذرون من المساس بقوانين العدالة الانتقالية