حيدر صبي – بانوراما
قبل بضعة أيام تناقلت وسائل الإعلام العراقية والتركية على السواء تسريبات عن أن رئيس المخابرات التركي هاكان فيدان قام بزيارة سرية الى العراق استقبله فيها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.
وقالت مصادر صحافية إن تركيا تحاول استغلال العلاقات التي كانت تربط فيدان برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عندما كان رئيسا لجهاز المخابرات في بلاده، لضمان مصالحها في العراق، الذي يعيد ترتيب أولوياته الاقتصادية بالشراكة مع الولايات المتحدة.
وكشفت المصادر أن الحكومة العراقية رفضت الإعلان من جانبها عن زيارة المسؤول التركي إلى بغداد، كما رفضت منح أنقرة أي ضمانات بشأن استمرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفقا لشكلها الحالي، حيث يستورد العراق من تركيا بضائع بمليارات الدولارات سنويا، دون أن يصدّر لها شيئا، فضلا عن حصول شركات تركية على عقود سنوية بمليارات الدولارات لتنفيذ مشاريع ضمن قطاعات عراقية مختلفة، دون أن تسهم في دعم الاقتصاد العراقي الداخلي.
وربط جنكيز أكتار، الكاتب السياسي التركي في تصريحات لصحيفة العرب اللندنية، بين زيارة رئيس المخابرات التركية إلى بغداد، والزيارة التي أداها الجنرال السوري الكردي مظلوم كوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية، إلى العراق مؤخرا، بعدما أبدت أنقرة استياءها الشديد من التقارب العراقي مع أكراد سوريا.
هكذا كان المشهد السائد عشيّة الزيارة لكن الأمر سرعان ما انقلب الى هجوم عسكري تركي وعملية عسكرية واسعة على شمال العراق اطلقت عليها انقرة اسم المخلب – النسر.
على إثر ذلك وما يثبت أن العملية التركية جاءت مباغتة مما يشكل أول اختبار صعب لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في علاقته المستقبلية مع الحكومة التركية ومع أردوغان شخصيا، هو أن الاستنكار العراقي الشديد من جميع مستويات القرار.
فقد استنكرت قيادة العمليات المشتركة في العراق اليوم الاثنين اختراق الأجواء العراقية من قبل الطائرات التركية مساء أمس الاحد.
وقالت القيادة في بيان إن18 طائرة تركية اخترقت الأجواء العراقية باتجاه سنجار و مخمور والكوير واربيل وصولا إلى قضاء الشرقاط بعمق 193 كيلومترا مِن الحدود التركية داخل الأجواء العراقية واستهدفت مخيما للاجئين قرب مخمور وسنجار.
وأضافت أن “الطائرات التركية عاودت الاقتراب من الحدود العراقية حتى ساعة متأخرة من ليلة امس، و هذا التصرف الاستفزازي لا ينسجم مع التزامات حسن الجوار وفق الاتفاقيات الدولية ويعد انتهاكا صارخا للسيادة العراقية”.
وشددت على أنه “يجب إيقاف هذه الانتهاكات احترامًا والتزاما بالمصالح المشتركة بين البلدين”، داعية إلى عدم تكرارها.
وأكدت على أن “العراق على أتم الاستعداد للتعاون بين البلدين وضبط الأوضاع الأمنية على الحدود المشتركة”.
وكانت وزارة الخارجية التركية أعلنت أن الطائرات الحربية التركية أغارت على ما سمتها مواقع لحزب العمال الكردستاني، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول في وقت مبكر من اليوم الاثنين.
وذكرت الوزارة أن الطائرات دمرت مخابئ لمسلحين أكراد في الكهوف.
وتستهدف عملية مخلب النسر، من بين أشياء أخرى، مواقع في جبال قنديل بالقرب من الحدود الإيرانية على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب تركيا. كما تم استهداف مواقع أيضا في سنجار وقنديل وكاراكاك وزاب وأفاسين باسيان وهاكورك.
وصنفت تركيا حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، حيث يواصل تمردا مستمرا منذ عقود ضد الدولة التركية.
وتقوم القوات الجوية التركية بانتظام بشن غارات جوية على مواقع حزب العمال الكردستاني، الذي يقع مقره في المنطقة الحدودية في شمال العراق.
وقالت وزارة الدفاع إن هجوم يوم الاثنين يهدف إلى تأمين حدود البلاد وأمن الشعب التركي من خلال تحييد حزب العمال الكردستاني والمنظمات الإرهابية الأخرى التي كثفت من محاولاتها لشن هجمات على قواعد الشرطة والجيش.
اردوغان
أردوغان يحاول أن يجعل الحكومة العراقية أن تبتلع الطعم وتحقق لتركيا مصالحها كاملة على حساب مصالح العراق
- ما الذي يخشاه أردوغان من الكاظمي؟
حاول أردوغان منذ تسلم الكاظمي رئاسة الحكومة في العراق استمالته من خلال الاتصال به مباشرة حال تسلمه مهام عمله، كما كثّفت الخارجية التركية اتصالاتها مع بغداد وزار السفير التركي في بغداد فاتح يلديز رئيس الحكومة العراقي وكان في صدارة ما تم بحثه هو استمرار تركيا في عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية وهو قرار لا رجعة فيه بالنسبة لأنقرة والأمر الثاني هو عودة الصادرات التركية إلى الأراضي العراقية بنفس الزخم السابق والذي وصل الى حوالي 20 مليار دولار ذهبت عائدات إلى أنقرة. - ما يخشاه أردوغان هما أمران جوهريان:
الأمر الأول:
اتخاذ الكاظمي موقفا صارماً تجاه أنقرة يكون بمثابة عقاب لها على اعمالها العسكرية وذلك من خلال تقليل الاعتماد على تركيا في الواردات وبالتالي خسارة تركيا السوق العراقية مما يعني خسائر مالية ضخمة للاقتصاد التركي الذي يمر بأزمة وخسارة للشركات التركية أيضا.
الأمر الثاني:
تغيير العراق محور تحالفاته باتجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر وهي الدول الأقرب إلى العراق والمعادية للأطماع التركية وبذلك يضاف حليف آخر لذلك المحور وتواجه تركيا خصماً سياسياً جديداً على خاصرتها الجنوبية مما يشجع أيضا المسلحين الأكراد المعارضين لتصعيد عملياتهم.
