بقلم :- سمير عبيد
دور أماراتي خطير في أستدراج السعودية وأغراقها في المستنقع !!.
وقفة للتاريخ :-
نبقى مع الفيلم السينمائي الذي أشرنا له في الحلقة “١” و الذي شعرنا كأنه يمر أمامنا سريعاً عن كيفية الاغراء الأميركي المبطن لصدام حسين ليغزو الكويت عبر السفيرة غيلاسبي ، وماذا حصل بعدها لصدام والعراق من حصار ودمار وغزو واحتلال وتدمير ممنهج للبلاد والمجتمع .فهناك مفصل مهم في هذا الفيلم وهو الدور الذي لعبته دولة قطر حينها على صدام حسين وبتنسيق مع اسرائيل وامريكا لتغري صدام بأنها الصديق الصدوق للعراق، وأنها الداعمة للنظام العراقي، وأنها الصادقة بالنصيحة لصدام. ولعبت حينها قناة الجزيرة الفضائية دورا كبيرا وخطيرا في خداع صدام حسين ليعتقد بأن القطريين حلفاء وصادقين. بحيث كان آخر ضيف لدى صدام حسين في بغداد وقبيل الغزو الأميركي بقليل هو وزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم ال ثاني بحيث أكد لصدام حسين ” لا حرب في الأفق ضد العراق، وأنها مجرد حرب نفسية واعلامية ” وصدّق صدام حسين كلام القطريين ، وبقي منتشيا معربداً متحديا ،وحصل ما حصل !!!.
واليوم لعبت و تلعب الامارات نفس الدور القطري مع السعودية ومع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكأن الفيلم الذي جرى على العراق وصدام حسين هو نفسه يجري على السعودية وبن سلمان ….. حيث مثلت الامارات دور الحليف والاخ الوفي والساند في السراء والضراء للسعودية وبن سلمان ، وان اول إغواء قامت به الامارات هي أقناع بن سلمان القطيعة مع دولة قطر واعلان الحصار والوصول الى حالة الحرب التي تنتظر ضغط الزر فقط .وبالفعل نفذ بن سلمان وعده وقاطع دولة قطر وحاصرها ولازال .ناهيك عن أستمرار الحرب الأعلامية والنفسية والدبلوماسية والاحتقان الحدودي بين البلدين حتى اللحظة. بل نجحت الامارات بنسف آخر تقارب بين الرياض والدوحة قبل أشهر قليلة من أجل المصالحة وكادت ان تحصل المصالحة لولا اللاعب الإماراتي المُهيمن على تصرفات وقرارات بن سلمان !!.
فالشيخ محمد بن زايد أقنع بن سلمان أن يتقارب مع إسرائيل ليصبح قوياً ،ولن ينجح بذلك الا بأنهاء دور قطر وتحالفها مع اسرائيل لينتقل هذا التحالف من قطر ويكون مع السعودية. وبالفعل سارع بن سلمان ونفذ الخطة ( والتي رسمها بن زايد مع الأميركان والاسرائيليين) وباتت السعودية مفتوحه لاسرائيل ،لا بل الرياض دفعت الملايين لدعم حملة نتنياهو الانتخابية حسب التقارير الاسرائلية .وموافقة بن سلمان لسفر السعوديين الى اسرائيل وبالعكس. وفتح الحج لليهود الى السعودية. وبات التقارب الامني والعسكري والثقافي والاقتصادي والسياحي معروفاً …….ولكن في الحقيقة أن الامارات كانت تمثل دور الراقصة التي تكلفت بأغراء الهدف حتى اقتياده وأقتناصة وهذا ما حدث.فالامارات نفذت خطة دولة قطر مع صدام حسين وبالضبط ونتوقع سوف تكون خواتيم اللعبة أنهاء السعودية وبن سلمان !!.
—————
ماهي المراحل الاخرى في مسلسل التعويم الأماراتي للسعودية !؟
١-لقد نجحت القيادة الاماراتية من تعويم السعودية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وأمنيا من خلال استغلال اندفاع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للهيمنة على القرار السعودي، ورغبته في جعل السعودية بقوة تركيا المنافسة للسعودية على قيادة العالم الإسلامي لا بل ذهب الإماراتيون لاستغلال هذه النقطة ودفع بن سلمان ليكون عدواً لتركيا ” لا تنسى ان الامارات تتهم تركيا بدعم تنظيم الاخوان المسلمين في الامارات والخليج للأنقلاب على النظام الإماراتي ” فنجحت بتوفير حليف لها ضد تركيا !!.
٢-فولي العهد السعودي بن سلمان مندفع جدا ليجعل من نفسه مهاتير السعودي ،ويجعل من السعودية ماليزيا الخليج فسارع لطرح رؤيته لعام ٢٠٣٠ متناسياً الواقع الجيوسياسي للسعودية ، ومتناسيا الأنغلاق السعودي وطبيعة السعودية الراعية للحج وبيت الله الحرام
،ونسى محمد بن سلمان طبيعة النظام السعودي والبنية التحتية للمجتمع السعودي وانعدام الحريات وقلة الانفتاح والتنوع .ولمعالجة هذا الموضوع ذهب فسقط على رأسه في البئر عندما فتح ولاول مرة في السعودية الحفلات الغنائية والمهرجانات الموسيقية والغنائية على بعد ٦٠ كيلو متر من مكة المكرمة وقبر الرسول محمد صلى الله عليهم وآله وسلم عندما باشر بمشروع ” نيوم ” في السعودية لتصبح شبيهة ب ( لاس فيكاس ) الاميركية حيث نوادي القمار والسينما والمضاربات والنوادي الليلية والعروض الموسيقية والغنائية ومحلات الخمور والمراقص الليلية واجتذاب كبار الفنانين والفنانات العرب والاميركيين والعالميين المشهورين مما ولد صدمة للشعب السعودي والى الدول الاسلامية كافة …فباتت داخل السعودية معارضة شديدة جدا لما يقوم به بن سلمان فباشر بالقمع والاعتقالات والإعدامات وزج الاصلاحيين والمنتقدين ورجال الدين في السجون وحتى الأمراء والبارزين من العائلة المالكة فباتت الانقسامات داخل المجتمع السعودي تتوسع يوم بعد آخر وآخرها رفض قبيلة ” الحويطات!!! تنفيذ أوامر بن سلمان بتهجيرها من منطقتها وبيوتها لكي يوسع مشروع ” قرية نيوم الأباحية ” فتم الصدام وقتل الشهيد عبد الرحيم الحويطي وهو يدافع عن منزله !!!!.
٣-فلقد لعبت الامارات دورا كبيراً وخطيرا في أضعاف الدور السعودي في الخليج والمنطقة والعالم .فلقد تقهقرت السعودية دبلوماسيًا بعد رحيل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل فاعتمدت السعودية بشكل كبير على السفير الإماراتي في واشنطن ” العتيبة” القريب جدا من الأنجيليين ومن اللوبي اليهودي في امريكا ومن ادارة ترامب والذي لعب دورا خفيا في تخريب مبرمج لفرص السعودية بالبقاء ونسف الدعم الاميركي الى السعودية بحيث باتت العلاقات الاميركية السعودية تتصدع بشكل واضح !
٤- وكذلك نجحت الأمارات في أغراق السعودية أكثر وأكثر في المستنقع اليمني، وعندما أغرتها الامارات بأنها حليف أبدي لها، وعندما غرقت السعودية هناك قفزت الأمارات من اليمن تاركة السعودية تُغرق لوحدها اكثر وأكثر. وذهبت الامارات على تحسين موقعها في اليمن عبر علاقات عامة مع مناطق ومحافظات وقبائل يمنية وحتى علاقات سرية مع الحوثيين لتجنب القصف الصاروخي للأمارات !!ومن هناك لعبت الامارات دورا خطيرا في تعكير العلاقات السعودية مع دول الخليج ومع حلفاء السعودية في حربها ضد اليمن فباتت بعض الدول تنسحب من مايسمى بالتحالف العربي !!.
٥- ولم تكتف الامارات بذلك بل ورطت السعودية في الملف العراقي ايصا من خلال محاولة نشر الفوضى في الديموغرافية الشيعية خلال الستة اشهر الماضية بدعم وتمويل سعودي مالي واعلامي وسياسي ودبلوماسي بحيث وفرت السعودية استوديوهات ضخمة للدعاية والتضليل والخداع وهي نفس الاستوديوهات التي وفرتها السعودية لدعم ثورات مايسمى بالربيع العربي ( الربيع التكفيري) ولدعم تنظيمات داعش والنصرة وغيرها فغيرت نمطها ونقلتها لتصبح بخدمة مايسمى بالثورة في العراق تلك الثورة التي خطفت جهود ودماء وتضحيات المتظاهرين الشرفاء السلميين . …… فتم تخريب مشروع اعادة العلاقات العراقية السعودية بديل ايقافها وتبخرها بلعبة أماراتية ذكية فبات العراقيون لا يثقون بالسعودية ولا بحميع محاولات قربها من العراق . #والشيء بالشيء يُذكّر فدبي والامارات لعبتا دورا خطيرا في تدمير وتقهقر العراق، ودورا كبيرا في استفحال الأقليم على المركز في بغداد، ودورا خطيراً في اغراء لصوص العراق من سياسيين ومسؤولين ورجال دين ورجال اعمال ليسرقوا ثروات بلدهم العراق ويستثمرون في دبي والامارات لكي يبقى العراق متقهقرا ، ولعبت دوراً خطيراً في ترسيخ عدم الاتفاق بين السنة والشيعة واغراء السنة بأقليم الأنبار وصفقة القرن كلها لكي يبقى العراق مشرذماً ومدمرا لكي لا ينهض العراق ويسحب شركات الأستثمار من الأمارات والسعودية ، ولكي لا تصبح بغداد بورصة مال وأعمال بديله عن دبي… وهو نفس الهدف بحيث لن توافق دبي والامارات على نهضة سعودية بهذه القوة فذهبوا ليدمروا السعودية من خلال الهيمنة على قرارات بن سلمان !!!!!!!
٦- وذهبت الامارات لتأخذ السعودية وتقنعها بفتح جبهات ضد تركيا في ليبيا وفي سوريا وبالفعل هرول محمد بن سلمان وأغدق مئات الملايين من الدولارات وشحن الأسلحة والأعتدة الى شرق الفرات وتمويل برامج التدريب للأكراد السوريين ولحركة ” قسد” بمحاولة لخلق جبهة ضد تركيا ولكن فجأة انسحبت الامارات وضاعت ملايين بن سلمان عندما توغلت تركيا هناك واضطر الأكراد للمصلحة مع النظام السوري …..
وكذلك فعلت الامارات في ليبيا عندما أقنعت السعودية بتمويل وتسليح وتدريب القوات التابعة للجنرال الليبي خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وبالفعل تم ذلك ولقد قفزت الامارات ايضا وتركت السعودية .وها هي جبهة حكومة الوفاق تخوض حربا ضد الجنرال حفتر وتسجل عليه انتصارات كبيرة ،فتبخرت ملايين بن سلمان أيضاً ….
لا بل ذهبت الامارات لتورط السعودية وبن سلمان في أدلب بحجة استنزاف واضعاف تركيا وسارع بن سلمان بالفعل بدعم الجيش السوري ودعم الجبهة التي تقاتل ضد المحور التركي وحصلت اتصالات مع سوريا ودعم اعلامي وسياسي ومالي لسوريا بالضد من تركيا حسب ما أكدتُ ذلك بعض التقارير الصحفية وفجأة قفز بن زايد ليترك بن سلمان في أدلب ليتصل بالرئيس بشار الأسد ويفتح معه صفحة جديدة دون التنسيق مع بن سلمان وقدمت الامارات مساعدات مالية ومعدات لمكافحة فيروس كورونا في سوريا. …..سنتحدث عن ذلك في الحلقة القادمة رقم “٣” !!!!.
وكل هذا هو استنزاف للسعودية وأغراقها في جبهات ومستنقعات عدة لتصبح الامارات لوحدها في الخليج ……!.
نقطة نظام :-
وبالمناسبة فسياسة الامارات نفسها منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية وعندما تقرر أن تنزل هناك ( قوات الردع العربية ) لتكون فاصلة بين الاطراف وتقوم بتعزيز السلام في لبنان وهي قوات من دول خليجية وعربية . ولكن بعد أسابيع انسحبت الامارات وانسحب بعدها الخليجيون وبقي فقط السوريون لوحدهم في المهمة .وبالفعل بقي السوريين لعشرين عاما في لبنان والسبب الامارات بالدرجة الأولى لانها كانت اول المنسحبين من قوات الردع العربية !!.
٧- لن تتوقف الأمارات عند هذا الحد بل زحفت لتقنع بن سلمان بمد يده على الثروة السيادية ولأول مرة بتاريخ السعودية واقنعته ليغامر بشراء نادي رياضي بريطاني وهو ( نادي نيوكاسل يونايتد) بحيث قالت عنه وكالة بلومبيرغ الأميركية ( هناك تهور سعودي من خلال عمليات الأستثمار في الخارج ..وان هذا الاستثمار زحف للثروة السيادية في المملكة )واردف التقرير قائلا ( لقد قام بن سلمان بشراء وترتيب خطط لشراء حصة ٨,٢ بالمائة من شركة الرحلات البحرية ” كرنفال” وكذلك حوالي ٨٠٪ من نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم وشراء حصص في شركات نفطية فتكبدت السعودية خسائر جسيمة حيث انخفض أسهم ” كرنفال” الى حدود الثلث ) وذهب التقرير ليشرح الضرر فيقول ( يُفترض بالسعودية عدم الاعتماد على صندوق الثروة السيادية لأن هناك تذبذب في أسعار النفط وان السعودية لم تقم بتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط فساهم هذا بتراجع الأقتصاد السعودي وتقلص إسهاماته في شركات كبرى مثل ” أوبر” وشركات بوسكو للأنشاءات في كوريا الجنوبية !!.
٨- تشجيع وتوريط الامارات للسعودية في دعم والمشاركة في مايسمى ب( صفقة القرن) الخاصة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي بحيث دخلت السعودية بقوة لدعمها وكان اول الداعمين لفكرة تأسيس صندوق صفقة القرن بد( 50مليار دولار)هو محمد بن سلمان .وشاركت السعودية بمعظم أموال الصندوق والذي هو بمثابة رشوة توزع على السلطة الفلسطينية ومصر والاردن للقبول بصفقة القرن وهناك دعم مالي مرصود للجبهة السنية العراقية للدخول في صفقة القرن اضافة لدعم فكرة مشروع اقليم الانبار والاعتراف به ودعم الاستثمار والتنقيب فيه مقابل توطين الفسلطينيين المسلمين في الانبار ومن هناك توطين المسيحيين الفلسطينيين في اقليم سهل نينوى !!!!!!.
٩- نجاح الامارات بتوريط بن سلمان بأخطر ملف وهو ملف استدراج وخطف وقتل وتقطيع الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في استنبول وبخطة اماراتية ذكية للغاية بحيث جعلت مسرح التوريط في تركيا لتغرق بن سلمان تماماً بالعداء مع تركيا وللأبد ونسف المصاهرة التي كانت قاب قوسين اًو ادنى بين بن سلمان وأسرة أردوغان.وفي نفس الوقت جعل بن سلمان سفاحاً قاتلًا بنظر المجتمع الدولي والعالم.والأنجح أن الأمارات باتت تمتلك جميع اسرار الجريمة بالمحادثات والتصوير والتوقيت واللوجست لأن الطائرة التي تم استأجرها لنقل المجرمين يُشاع حسب التقارير انطلقت بالمجرمين من دبي و عادت لتحط بالامارات للتمويه والامارات كانت تسجل وتراقب كل شيء ولهذا بات بن سلمان أسيرًا بيد الأمارات!!!!.
الى اللقاء في الحلقة الثالثة “3”
كيف استدارت الامارات عن السعودية نحو ايران !؟
وكيف تصدعت العلاقة السعودية الاميركية !؟
سمير عبيد
٢٢نيسان٢٠٢٠

