محمد ناصر
لم يألف تلاميذ وطلبة العراق في مدارسهم وجامعاتهم مثل هذه الظروف منذ عقود طويلة من الزمن .. فالحروب التي شهدتها هذه البلاد وكان الآباء شهوداً على مجرياتها لم تتسبب بايقاف الدراسة في كل المراحل الدراسية .. حتى في اشد ايام الحروب وطأة .. ولطالما نتذكر اجيال عراقية مختلفة كيف كان طلبة جامعة البصرة يؤدون امتحاناتهم تحت نيران القصف المدفعي في الحرب العراقية الايرانية وكيف كان طلبة جامعة بغداد ومعهم تلاميذ المدارس يواصلون مشوارهم الدراسي اثناء القصف الامريكي وقصف قوات التحالف الدولي لمناطق مختلفة من العاصمة وحتى في الحرب التي اطاحت بالنظام الديكتاتوري تمكنت وزارتي التربية والتعليم العالي من انهاء العام الدراسي بعد توقفات متقطعة رافقت العمليات العسكرية الامريكية .. اما مايحصل اليوم فهو فريد ومثير لم تشهده الدولة العراقية على مر العصور في التاريخ الحديث ولربما يتشارك العراق مع مايحصل في دول العالم الأخرى وكان اللجوء الى التعليم الالكتروني خطوة شجاعة وناجحة لتحقيق مبدأ التواصل بين الطلية ومناهجهم العلمية وادامة التواصل بين الاستاذ والطالب .. ولكن المختلف هو في ضعف الامكانيات الفنية التي تتيح للطالب العراقي الحصول على المكتسبات العلمية والمعرفية بسبب ضعف وفقر الامكانيات في المؤسسات التربوية العراقية وغياب الدعم المالي للدولة العراقية وضعف رعايتها للقطاع التربوي والتعليمي .. وقد تبدو الحلول التي اتخذتها دول اخرى مجاورة للعراق حلولا حاسمة من خلال انهاء العام الدراسي الحالي والاعتماد على الدرجات الفصلية في تقييم الطلبة إلا أن مايحصل في العراق هو مشهد مشوش ومرتبك تتداخل فيه القرارات السياسية مع القرارات العلمية بشكل جعل الكثير من العوائل العراقية تعيش في قلق وترقب لما يمكن ان تجليه الايام المقبلة لمستقبل اولادهم ، التحدي الاكبر الذي تواجهه المؤسسات التعليمية والتربوية في العراق هي ايجاد الية توازن بين حماية الرصانة العلمية وبين الالتفات الى الجوانب الانسانية التي تنظر فيما عاناه تلاميذ وطلبة العراق الذين استقبلوا عامهم الدراسي الجديد بالتظاهرات الواسعة والاحداث الساخنة واستكملوه بحظر صحي ومنع للتجوال والفزع من اصابات جائحة كورونا التي اطاحت باحلام وامال المنافسة العلمية والحياة الجامعية وافراح التخرج لتجعل من العام الدراسي الحالي عاما ساخنا بكل المواصفات .
